ما تزال قضية التوطين الشغل الشاغل لقيادة دولة الإمارات العربية المتحدة والتي تسعى بكافة الطرق لإتاحة الفرصة أمام كافة مواطني الدولة لشغل الوظائف المناسبة سواء في القطاع الحكومي، الاتحادي والمحلي، أو في القطاع الخاص وأسباب ذلك عديدة ولا تخفى على أحد.

وأبرز تلك الأسباب الزيادة المطردة في عدد السكان المواطنين وخاصة شريحة الشباب خريجي الجامعات القادرين على العمل والزيادة المتنامية في مشاريع قطاع الخدمات والبنية التحتية التي يتولاها بصورة رئيسية القطاع الخاص وبالتالي نشوء وظائف جديدة بصورة مستمرة تناسب مواطني الدولة.

أضف إلى ذلك تنامي أعداد الخريجين المواطنين من مؤسسات التعليم والتدريب المهني وفي مقدمتها الجهات التابعة لمركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني والذين يمتلكون المهارات والقدرات العملية على أداء مختلف المهن الصناعية والتقنية والصحية بامتياز. ثم يأتي العامل الاقتصادي وراء سياسة التوطين إذ يُعتبر مواطن الدولة صاحب الولاء والانتماء الوطني هو المُحرك الأساسي لعجلة التنمية الاقتصادية.

وأخيراً هناك العامل الاجتماعي إذ يستطيع المواطن الشاب عند توظيفه تخفيف الأعباء المالية على والديه وبدء التخطيط لإنشاء أسرته وبالتالي ترسيخ الاستقرار الاجتماعي والأمان العائلي دون تعريض هؤلاء الشباب لمخاطر استغلال وقت الفراغ في سلوك اجتماعي غير مقبول يؤدي بهم إلى مساءلات قانونية قد تُهدد مستقبلهم.

ولذلك جاء برنامج «نافس» ضمن الحزمة الثانية من مشاريع الخمسين التي أطلقتها حكومة الإمارات بمناسبة اليوبيل الذهبي لقيام الدولة وهي المشاريع الاستراتيجية التي تهدف إلى بدء مرحلة جديدة من التنمية على المستويين المحلي والدولي.

وسيكون التركيز بشكل كامل خلال العقود الخمسة القادمة على بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم، من خلال العمل بين كافة المستويات الاتحادية والمحلية على بناء أفضل بيئة اقتصادية عالمية والحفاظ على المكتسبات التي تم تحقيقها خلال الخمسين عاماً السابقة. ويهدف برنامج «نافس» إلى رفع الكفاءة التنافسية للكوادر المواطنة، وتمكينهم من شغل وظائف مميزة في مؤسسات القطاع الخاص في الدولة خلال فترة زمنية محددة وهي خمس سنوات.

كما يرمي برنامج «نافس» إلى تطوير منظومة الاقتصاد الوطني من خلال بناء شراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، وتمكين القطاع الخاص بأن يكون محركاً رئيسياً في المسيرة التنموية للدولة.

وفي سبيل ذلك يعمل البرنامج على تشجيع الشباب المواطن، من الخريجين أو العاملين في القطاع الحكومي، على انتهاز فرص العمل المتاحة في القطاع الخاص واقتحام مجالات عمل رائدة أو إطلاق مشاريعهم الخاصة التي تشكل إضافة نوعية للاقتصاد الوطني، مع وضع هدف واضح وهو دعم القطاع الخاص لاستيعاب 75 ألف مواطن خلال المرحلة القادمة.

وتدعم برامج ومشاريع «نافس» رواتب المواطنين في القطاع الخاص، واشتراكاتهم في نظام التقاعد، وتخصص علاوات مالية خاصة لبعض المهن التخصصية، وتمنح علاوات خاصة لأبناء المواطنين، كما تطرح برامج وخططاً لتدريب وتأهيل الكوادر الوطنية.

والمراقب لسوق العمل في الآونة الأخيرة يستطيع رصد العديد من النجاحات لمبادرات برنامج «نافس» إذ أدركت جميع مؤسسات القطاع الخاص مدى الاهتمام والجدية الذي توليه الحكومة لتنفيذ مستهدفات البرنامج بلا تهاون أو تقصير أو محاباة وذلك لتحقيق الهدف الأسمى وهو بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط بسواعد وطنية من أبناء الوطن المخلصين.

*باحث إماراتي