في وسط أرض لا سيد لها، لم يكن لدى بلدة قوريال الصحراوية أي وجود لقوات الأمن الصومالية، وكانت عناصر تنظيم «الشباب» الإرهابي قريبة جداً. 
ولهذا السبب ذهب إلى هناك في وقت مبكر من شهر أكتوبر عضوُ البرلمان الصومالي مالك عبدالله، الذي دفعته للتحرك صورُ الفظاعات التي ارتكبها تنظيم «الشباب» في حق المدنيين، فالحكومة الصومالية الجديدة مصممة على شنّ «حرب شاملة» على مقاتلي التنظيم. 
أما الهدف، فهو حشد العشائر المحلية وتعبئتها للانضمام إلى أكثر جهد جدية حتى الآن لمواجهة مقاتلي التنظيم وحركة تمردهم التي دخلت عامها الخامس عشر من خلال القتال إلى جانب «الجيش الوطني الصومالي» و«القوات الخاصة الصومالية» التي دربت على أيدي الأميركيين. 
مستخدماً ما يقول إنه كان صوتاً مرتفعاً، دعا عبدالله سكان البلدة إلى إخراج أسلحتهم والتغلب على شكوكهم بعد عقود من الإهمال الحكومي، في بلد يعاني حرباً مستمرة وفترات جفاف متكررة. 
ويقول عبدالله إنه أخبر السكان بأن الوقت قد حان للتعاون ومحاربة أعضاء التنظيم: «لا يمكننا قبول أن يقول لنا الأشرار«إننا سنحكمكم، وإذا رفضتم، سننسف كل شيء». ويتذكر عبدالله أن «بعضهم خرجوا، وبعضهم كانوا خائفين». وكان هناك بعض المتفرجين الشباب الفضوليين. ويقول: «قلتُ للأطفال: نادوا على آبائكم وقولوا لهم أن يأتوا». عبدالله أنشأ خطاً دفاعياً على تخوم البلدة وتعهد بالانتظار. وخلال الليل، تسلل بعض السكان للتحدث معه. لم يكن صعباً إقناعهم بأن تنظيم «الشباب» هو العدو، يقول عبدالله. وما زال الكثيرون يتذكرون حادثاً يعود إلى بضع سنوات خلت حين جاء اثنا عشر مقاتلاً إلى البلدة، وقتلا رجلين، وسحلا جثتيهما خلف مركباتهم. 
غير أنه كان من الصعب إقناع السكان بالدفاع عن أنفسهم وبلدتهم والتعاون، وبأن وعد عبدالله يمثل دعماً رسمياً حقيقياً. وقالوا له إنهم لا يحتاجون إلى مال أو طعام أو أسلحة – وإنما إلى ذخيرة فقط. 
وتُبرز مقاطع فيديو على الإنترنت ما مثّل حجته الأكثر نجاحاً إلى القرويين، إذ قال لمواطنيه الصوماليين أن يضعوا خلافاتهم العشائرية جانباً ويدعموا القتال ضد عدوهم المشترك. 
وفي غضون بضعة أيام، عبّأ عبدالله قوة ميليشيات محلية بلغ قوامها 600 رجل وامرأة، وفتح جبهة جديدة ضد «الشباب»، وأظهر لماذا نجح تضافر قوة وحدات الأمن الصومالية والميليشيات العشائرية الآن في إعادة السيطرة على أراض أكبر من «الشباب» في ظرف خمسة أشهر مما حدث خلال الخمس سنوات السابقة.
ويقول عبدالله، وهو مواطن أميركي-صومالي حائز على شهادتين من جامعة أوهايو وأصبح نجاحه في تجنيد الميليشيات العشائرية نموذجاً يحتذى به: «إنه أمر محفز للغاية لأنها المرة الأولى التي يستطيع فيها الشعب الصومالي أن يشهد ويرى أنه بالإمكان هزم الإرهابيين». 
«إنه زخم ينبغي على الحكومة الاستفادة منه»، يقول عبدالله. ثم أضاف قائلاً: «سوا ء كنت عشيرة كبيرة أو صغيرة، فإنك ضحية في بلدك، ورهينة في بلدك». 
ويشير عبدالله إلى تقارير متزايدة عن عنف «الشباب» في جنوب وسط الصومال، والذي شمل إحراق بلدات وتدمير آبار أساسية من أجل البقاء بعد أربعة مواسم جافة عزّت فيها الأمطار. ورداً على الهجوم، شنّ «الشباب» أيضاً هجمات في بعض المدن الكبيرة. 
وعلى سبيل المثال، بعد أن أدى حصار قاتل لفندق في مقديشو في أواخر أغسطس إلى مقتل أكثر من 20 شخصاً، أعلن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود «حرباً شاملة» ضد فرع تنظيم «القاعدة». كما أدى تفجير سيارة انتحاري مزدوج في مقديشو في أواخر أكتوبر إلى مقتل أكثر من 220 شخصاً، من بين هجمات معقدة أخرى. 
«لقد حققوا مبتغاهم»، يقول عبدالله، مضيفاً «لقد أظهروا أنك حتى إذا لم تحاربهم، فإنهم سيقتلونك مع ذلك». 
نقطة التحول بدأت في مايو، حين تولى الرئيس محمود مهامه وتعهد بإيلاء محاربة تنظيم «الشباب» الأولوية، على الرغم من أزمات إنسانية تلوح نذرها في الأفق – بما في ذلك أسوأ فترة جفاف منذ 40 عاماً – وجعلت 7.8 مليون صومالي، أي نصف السكان تقريباً، يواجهون «نقصاً حاداً في الغذاء»، وفقاً للأمم المتحدة. 
اعتباراً من يوليو، انضم إلى وحدات الجيش الحكومية – التي تزعمتها قوات «الصاعقة» («دنب») الخاصة المدربة من قبل الأميركيين – عددٌ متزايدٌ من الميليشيات العشائرية المعبّأة، التي تُعرف محلياً بـ«المعاويسلي»، من أجل مواجهة «الشباب» بشكل مشترك. وتلقت الهجمات مساندة من الدعم الجوي الأميركي والتركي، وهجمات الطائرات المسيرة، وعمليات إجلاء طبي بواسطة طائرات هيلوكوبتر تابعة للاتحاد الأفريقي. 
سرعة النجاح وحجمه حتى الآن فاجآ الصوماليين والمحليين على حد سواء، ولكنهما طرحا أيضاً أسئلة بشأن القدرة على الحفاظ على الأراضي التي أعيدت السيطرة عليها، والإبقاء على الزخم، وحتى الخطر الممكن المستقبلي لتقوية المليشيات العشائرية. 
«إن الانتصار يولِّد الانتصار»، هكذا يقول مسؤول أمني غربي في مقديشو، طلب عدم الكشف عن هويته لأنه لم يصرَّح له بالتحدث مع الصحافة. 
«إن ما نراه هنا حالياً هو مقاربة جديدة تماماً» بعد 10 سنوات كانت تميل فيها الحكومة الفيدرالية الصومالية إلى «تنفيذ عمليات أكثر ثباتاً» ضد «الشباب»، يقول المسؤول الأمني.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»