عاش العالَمُ أصداءَ صيحات فرح الفوز ونشوته ودوي أبواق السيارات وشظايا الألعاب النارية والمفرقعات ورفع الأعلام المغربية.. بعد أن نجح المنتخب الوطني المغربي في الوصول إلى دور نصف النهائي في كأس العالم لكرة القدم (المونديال) لأول مرة في تاريخه وفي تاريخ أفريقيا والعالم العربي، عقب تفوّقه على منتخب البرتغال بهدف نظيف، وقبل ذلك استطاع الوصول إلى دور ربع النهائي في المونديال بعد الفوز على المنتخب الإسباني.
نعم، إنهم الشباب المغاربة الذين أبهروا العالَمَ، وأبرزوا قوةَ اللاعب المغربي والعربي والأفريقي وقدرتَه على الفوز.. إنهم الشباب المغاربة الذين جعلوا كلاً من الفلسطينيين والإسرائيليين يحتفلون بهذا الفوز في القدس بباب المغاربة، وجعلوا رؤساء دول العالم يهاتفون ملك المغرب لتهنئته على هذا الفوز، وجعلوا رؤساء الشركات الكبرى، من أمثال مالك شركة تويتر، يهنئون المغاربة. إنهم أبناء المغرب الذين أدخلوا جميع البشر في تحالف نادر للحضارات، حيث وجدَ الناسُ من كل القارات أنفسَهم في عرس بهيج وتاريخي، في الهواء الطلق وداخل البيوت والمداشر والقرى البعيدة والساحات والعواصم والمدن الكبرى والصغرى.. متحدِّين في كثير من الأحيان أحوالَ الطقس، لا سيما في أوروبا وكندا والولايات المتحدة. لقد جعلوا أعلام المغرب ترفرف في كل مكان، في الدوحة وأبوظبي ودبي والقاهرة وبغداد والرياض وجدة والكويت والأردن وليبيا وبيروت وغزة وباريس ولندن ومدريد وروما ومارسيليا وموريال وواشنطن والكوت ديفوار ونواكشوط والسنغال وكل أفريقيا. 
هاتفي الشخصي لم ينم بسبب التبريكات التي تقاطرت عليه من معارفي في العالم العربي وأوروبا وأميركا وأفريقيا.. بل هناك أناس تخيلتُ أني نسيتهم، لكن صلة الرحم معهم تجددت بفضل هذا الفوز. والجل يتفنن في التبريكات، فمنهم من يهاتف ليغني بعضاً من مقاطع النشيد الوطني المغربي، أو ليذكر أسماء بعض لاعبي المنتخب باستعمال جمل أدبية رفيعة، ومنهم من يرسم لوحات فنية عن المنتخب والمغرب، ومنهم من يرسل مقاطع من تسجيل الأهداف، ومنهم من يزاوج بين هذا الفوز وبعض الأحداث التاريخية، ومنهم مَن يرسل لي صورَ الاحتفال التي يأخذها بهاتفه من النافذة أو من قلب الساحات التي توافد إليها المحتفلون.
عندما يخرج ملك البلاد شخصياً وأفراد الأسرة الملكية الكريمة للاحتفال مع باقي الشعب في الشوارع والساحات، فإن هذا حدث غير عادي. إننا نعيش ملحمة واقعية فريدة من نوعها، وفريق «أسود الأطلس» هو فريق الأمة الواحدة الموحَّدة.
وصلت منتخباتُ العديد من الدول الأوروبية ودول أميركا اللاتينية إلى ما وصل إليه المنتخب المغربي، بل فازت بكاس العالم، لكن لم تتعد حدود «الفرحة» مساحةَ الدولة الفائزة، أما وأن يُخرِجَ فوزُ المنتخب المغربي سكانَ الكرة الأرضية بمجرد وصوله دَورَ النصف إلى الساحات والشوارع ويرفعوا الأعلام ويطلقوا الأهازيج والزغاريد.. فهذا حدث لا يمكن أن يوصف بلغة البشر. 
فخورون بكم يا «أسود الأطلس».. شكراً لكم، وإلى نصر قريب إن شاء الله تعالى.