يتراجع التنوع البيولوجي العالمي بمعدل غير مسبوق، حيث يوجد أكثر من مليون نوع مهددة بالانقراض. وحكومات معظم دول العالم تجتمع هذا الأسبوع في COP15 -المؤتمر الخامس عشر للأطراف حول التنوع البيولوجي- في مونتريال لاعتماد خطة لحل أزمة التنوع البيولوجي لدينا.

في حين أن العلم الذي يتعلق بالتنوع البيولوجي والمناخ يمثل تحديا لفهم كل من الجمهور وصناع السياسات، إليك نقطة بداية بسيطة: ركز على القطط البرية. تلعب القطط البرية أدواراً حيوية في جميع البيئات التي تتواجد فيها تقريبا. لهذا السبب، فإن المساعدة على تعافي هذا النوع من الحيوانات يمكن أن تسهم أيضاً في تحقيق تقدم في العديد من الأهداف البيئية العاجلة لكوكبنا. باعتبارها من أكثر الأنواع التي تخضع للمراقبة على وجه الأرض، تعد القطط مؤشرات واضحة ومقنعة للتنوع البيولوجي.

يمكن قياسها في الوقت المناسب وبطريقة فعالة من حيث التكلفة، وتحكي أرقامها قصة -للأفضل أو للأسوأ- يمكن أن تقدم اختبارا للطبيعة والمناخ. يعد التركيز على القطط البرية أمرا فعالا بفضل نطاقاتها الهائلة وموائلها عالية القيمة، مما يسمح لنا بحماية التنوع البيولوجي والمناخ تحت مظلة حماية القطط. تشغل أنواع القطط البرية الأربعين 74% من مساحة اليابسة وتتداخل مع 75% من مناطق التنوع البيولوجي الرئيسية، وهي المواقع الأكثر أهمية للطبيعة على كوكبنا. تتداخل الكوجر، التي تعيش في مساحات شاسعة من أميركا الشمالية والجنوبية، وحدها مع أكثر من 12000 من الفقاريات الأرضية.

وتعيش جميع الأسود البرية المتبقية في العالم تقريباً في السافانا الأفريقية، والتي تلعب دوراً رئيسياً في احتباس الكربون. كأنواع رئيسية، تلعب القطط الكبيرة، على وجه الخصوص، دوراً حاسماً في بيئاتها من خلال دعم وزيادة التنوع البيولوجي والصحة العامة. تعتبر حيوانات الكوجر هي «مهندسي النظام الإيكولوجي»، التي تؤثر تفاعلاتها مع مئات الأنواع الأخرى بشكل عميق على هيكل ووظيفة موائلها والحياة البرية فيها.

على سبيل المثال، تتغذى حيوانات الكوجر (البوما) على جميع أنواع الحياة البرية، من الأيائل إلى الطيور إلى الخنافس، مما يؤدي إلى إنشاء شبكات معقدة تساعد على تماسك النظم البيئية معا. علاوة على ذلك، تساعد القطط في الحفاظ على مساهمات الطبيعة للناس، من الغذاء والماء وسبل العيش إلى تخزين الكربون والوقاية من الأمراض. تظهر الدراسات التي أجريت على استراتيجيات الحفاظ على الجاجوار (النمر الأميركي) أن الجاجوار قد يلعب دورا وقائيا للأنواع الأخرى وموائلها عالية الجودة على نطاق واسع.

هذا له آثار هائلة على الناس. يوفر النطاق الذي يعيش فيه الجاجوار، والذي يتداخل مع معظم الغابات الاستوائية في الأميركتين، 17% من تخزين الكربون وعزله في العالم، ويستفيد منه بشكل مباشر 53 مليون شخص في أميركا اللاتينية. في حين أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث، فمن الآمن أن نقول إننا جميعاً نستفيد من موطن الجاجوار السليم، لذا فإن منازله الحرجية مهمة جداً للتخفيف من تغير المناخ.

على الرغم من الدور الواضح للأنواع في حماية التنوع البيولوجي والمناخ، غالبا ما يُنظر إلى حفظ الأنواع على أنه طريقة محدودة للحفاظ على الطبيعة. منذ عقود، أصبح إنقاذ النظم البيئية بأكملها هو الصرخة الحاشدة لسياسة بيئية تحويلية، مما أدى إلى تغيير الاستثمار المؤسسي وأولويات الحكومة.

لم يكن هناك وقت أكثر ملاءمة للحكومات والمؤسسات المالية لإعادة النظر في هذه الانقسامات الزائفة. من المقرر أن تشرع الوفود المشاركة في COP15 في المرحلة النهائية من المفاوضات حول اتفاقية التنوع البيولوجي العالمية الجديدة. إن رفع الطموح اللازم لتحقيق أهدافه لن يكون ممكناً إلا من خلال الاعتراف بأن الأنواع ونهج النظم الإيكولوجية متوافقة، وفي الواقع، تتطلب حماية القطط حماية النظم البيئية بأكملها.

ومع ذلك، إذا أهملنا الحفاظ على الأنواع، تصبح النظم البيئية عرضة لـ«متلازمة الغابة الفارغة» التي أصابت العديد من المناظر الطبيعية الاستوائية، حيث أدى الصيد الجائر والصيد غير الشرعي إلى استنفاد الحياة البرية. في عالم اليوم، لا يكفي الحفاظ على مستوى المناظر الطبيعية وحده لوقف حالات الانقراض. تقدم النمور مثالا مقنعا. بعد عقود من جهود التعافي المكثفة على نطاق واسع، بدأت أعداد النمور في الانتعاش.

أدت هذه البرامج إلى زيادة التنوع البيولوجي وتخزين الكربون وتوافر المياه وسبل العيش. تكون المناطق التي بها النمور محمية بشكل أفضل من الصيد الجائر والأنشطة غير القانونية التي تؤدي إلى تدهور الموائل. ساهمت أنثى نمر واحدة في الهند في زيادة عائدات السياحة بأكثر من 100 مليون دولار، ومن دون هذه الاستثمارات الخاصة بالأنواع، من غير المحتمل أن تتحقق الفوائد الأوسع.

بعد الفشل في التنفيذ الكامل لأي من أهداف عام 2020 التي تم تبنيها في آخر اتفاقية عالمية للتنوع البيولوجي لعام 2010، تسعى الحكومات إلى توضيح ما يلزم لمنع فقدان التنوع البيولوجي بحلول عام 2030 وكيفية قياس التقدم. وفي هذا الصدد، يمكن أن تساعد القطط البرية في تحقيق التقدم. نحن نعرف كيفية حمايتها واستعادتها ومراقبتها، ونعلم أيضاً أن القيام بذلك سيساعد الحكومات على الوفاء بالتزاماتها بشأن التنوع البيولوجي والمناخ والصحة. ولكن على الرغم من فهمنا المتزايد للصلات بين هذه الأزمات البيئية، فإننا نتخلف في إنشاء روابط حيوية فيما بينها لإحداث تغيير تحويلي.

هذا هو المكان الذي تأتي فيه قوة القطط كأنواع رائدة. فالقطط حيوانات جذابة ذات جاذبية لا حدود لها وتشكل أهمية ثقافية لمليارات البشر في جميع أنحاء العالم. إن تداخلها الجغرافي المطلق مع البشر واعتمادها على نفس الهواء والماء والغطاء يعني أن بقاءها وبقاءنا مرتبطان ارتباطا وثيقا. في الوقت الذي يجتمع فيه العالم لحل أزمة التنوع البيولوجي، دعونا لا ننسى قوة الأنواع في جمعنا معا. يمكن أن يساعد التركيز على استعادة قططنا البرية في حشد الطموح اللازم لوقف الانقراضات واستعادة التنوع البيولوجي وإعادة تشكيل علاقتنا مع الطبيعة.

جون جودريتش*

*كبير العلماء في المنظمة العالمية لحماية القطط البرية.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لاينسينج آند سينديكيشن»