منذ قيام اتحادها في عام1971، رسّخت دولة الإمارات العربية المتحدة مكانتَها العالمية كعاصمة اقتصادية في المنطقة، وبيئةً مثالية للأعمال، وذلك عبر منظومة وطنية متكاملة تستهدف تعزيز مستويات النمو، وإطلاق مبادرات وبرامج وخطط تستشرف المستقبل، مستفيدةً مما تمتلكه من مقومات البنية التحتية المتطورة، والبنية الرقمية، والخدمات التي وفّرت مزايا تنافسية، فضلاً عن الاستقرارالأمني والسياسي، علاوة على موقعها الجغرافي المهم. إن كل ذلك جعل دولة الإمارات مركزاً اقتصادياً حيوياً، والاقتصاد الأسرع نمواً والأكثر استدامة. حتى إن منظمة «اليونيسكو»، وبإجماع دولي، اعتمدت يوم عيد اتحاد الإمارات، الثاني من ديسمبر، باعتباره «اليوم العالمي للمستقبل». واليوم، 2 ديسمبر، تكتمل 51 عاماً على قيام دولة الإمارات العربية المتحدة. 

وعلى رغم أن اقتصاد الإمارات مفتوح بقوة في علاقاته الدولية ومع الأسواق العالمية، فإن الخطط التي وُضِعت بتوجيه من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، أسهمت في التكيف مع متغيرات الاقتصاد العالمي وما يشهده من أزمات، وخاصة في ضوء تداعيات جائحة كوفيد والحرب الروسية الأوكرانية. وخلافاً لعدد كبير من البلدان التي تعاني انكماشاً اقتصادياً، سجل الناتج المحلي الإجمالي للدولة نمواً بنسبة 5.9% للعام الحالي، وفق أحدث تقرير للبنك الدولي، والذي توقع تحسناً في أرصدة المالية العامة، وتحقيقَ فوائض مالية بنسبة 4.4%. 
كما حلَّت الإمارات في المرتبة الأولى عربياً والـ19عالمياً، وفق تقرير الاستثمار العالمي لعام 2022، الصادر عن مؤتمر «أونكتاد»، وذلك لجهة قدرتها على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر. وجاء اقتصادها بين أعلى ستة اقتصادات ضمن مجموعة الاقتصادات النامية الناهضة في آسيا (الصين وهونغ كونغ وسنغافورا والهند وإندونيسيا). 
ومن الطبيعي أن تنعكس هذه التطورات الإيجابية على «اقتصاد الرفاهية»، وذلك من خلال تطور مؤشرين عالميين: أولهما «مؤشر الرفاهية» ويضم 110 دول، وقد تصدرت الإماراتُ منطقةَ الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مسجلةً 68.2 نقطة، أي متفوقة على الولايات المتحدة وبريطانيا والصين وإسبانيا وأستراليا. أما المؤشر الثاني فهو معدلات «جودة الحياة»، وقد سجل نمواً بـ2.1 نقطة، وهو الأعلى بين جميع الدول التي شملها الاستطلاع الصادر عن شركة الخدمات الصحية العالمية «سيغنا»، وعددها 197 دولة. وكانت الإمارات ضمن قائمة الدول العشر الأكثر جذباً للوافدين، بفضل مستويات الرفاهية التي يحظى بها المقيمون، إضافة إلى الوضع المالي القوي وسوق العمل الأكثر استقراراً. 
وتنفيذاً لتوجيهات رئيس الدولة بإعطاء الأهمية الإستراتيجية للاقتصاد، تواصل دولة الإمارات تعزيز مسيرتها الاقتصادية، وهي تثبت باستمرار أنها «دولة المستقبل»، منطلقةً من إنجازات نوعية، حيث أصبحت القطاعات غير النفطية تساهم في نمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 72%، وهو ما ينسجم مع سياسة التنوع الاقتصادي القائم على المعرفة والابتكار، وتعزيز الصناعات الوطنية غير النفطية. لذا نجد أن منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (يونيدو) صنّفت الإمارات في المرتبة الأولى عربياً، وذلك في تقرير الأداء الصناعي التنافسي لعام 2022، مما يؤكد قدرة الدولة على الانتقال من اقتصاد النفط إلى اقتصاد التنوع الإنتاجي. 

وهكذا ترسِّخ الإماراتُ مكانتَها الريادية ضمن أبرز الاقتصادات التنافسية على المستويين الإقليمي والعالمي، وذلك استعداداً لمرحلة ما بعد النفط في إطار الإستراتيجية الوطنية للخمسين عاماً المقبلة.

*كاتب لبناني متخصص في الشؤون الاقتصادية