ما زالت المهمة صعبة والتحديات جسيمة بعد مؤتمر «كوب 27» الذي اختُتمت أعمالُه قبل أيام. ولهذا بدأت الأنظار تتجه بشكل مبكر إلى دولة الإمارات العربية التي تستضيف «كوب 28»، لإنجاز ما لم تسمح الظروف المُعقدة بتحقيقه في «كوب 27». فالعلاقة بين دورات مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي تراكمية وتكاملية في آن معاً، إذ يبدأ كل منها مما انتهت إليه سابقتُها.
غير أن أهمية «كوب 28» لا تقتصر على هذه العلاقة بين دورات المؤتمر، بل تتجاوزها لسببين؛ أولهما كان متفقاً عليه من قبل، وهو أن تكون مهمة «كوب 28» الأساسية إجراء أول تقييم عالمي شامل للتقدم الذي أُحرز باتجاه تحقيق الأهداف المُحدَّدة في اتفاق باريس 2015. وقد أصبح لإجراء هذا التقييم أهمية قصوى في ظل تباين تقديرات الخبراء، وليس المهتمين فقط، بشأن مدى هذا التقدم، وإلى أي حد مازال الوصول إلى «صفر انبعاثات» عام 2050 واقعياً، في ضوء تحولات لم تكن متوقعة عند إبرام اتفاق باريس، وفي مقدمتها جائحة كورونا وحرب أوكرانيا اللتين ألحقتا ضرراً كبيراً بالاقتصاد العالمي، ومن ثم بالقدرة على توفير التمويل اللازم للتحول إلى مصادر طاقة نظيفة ومتجددة. أما السبب الثاني فهو أن التحديات المستجدة التي واجهت كوب 27 فرضت ترحيل بعض القضايا المهمة. فقد عُقد هذا المؤتمر في ظروفٍ أصعب كثيراً مما كان متصوراً عند اختتام «كوب 26» في جلاسجو. وعلى سبيل المثال فقط، اشتدت الحاجة إلى تعويض الدول التي تتعرض لأضرارٍ مباشرة بفعل كوارث طبيعية ناتجة عن التغير المناخي. وكان الخلاف حول سبل هذا التعويض من أهم عوامل تمديد عمل «كوب 27» يوماً إضافياً، من أجل التوافق على حل وسط بين مطالب الدول النامية ومواقف الدول الصناعية المتقدمة. وأمكن الوصول إلى صيغة مفادها الحاجة إلى تمويل مناسب لمساعدة الدول النامية الأكثر ضعفاً عن طريق إنشاء صندوق للخسائر والأضرار، على أن تتولى لجنة خاصة تحديد الترتيبات المتعلقة به سعياً لإقرارها في كوب 28.
ولهذا يكتسب كوب 28 أهميةً مضاعفة، وخاصةً أنه يُعقد في إحدى الدول التي تُعد رائدةً في مجال المبادرات المناخية منذ تصديقها على بروتوكول كيوتو 2005، مثل مبادرة الابتكار الزراعي المناخي، ومبادرة التوسع المستمر في الطاقة الشمسية إذ توجد بها الآن بعض أكبر محطات هذه الطاقة في العالم. 
ولعل هذا يفسر التفاؤل بأن يكون «كوب 28» نقطة تحولٍ في جهود مواجهة تغير المناخ، وخاصةً أن العلاقات المتميزة بين دولة الإمارات ومصر تُتيح تنسيقاً كاملاً للبناء على ما تَحقَّق في «كوب 27». وهكذا، فكأن القدر اختار دولة الإمارات ومصر لكي تتحملا مسؤوليةً خاصةً في العمل لإنقاذ الكوكب في اللحظة الأكثر صعوبةً منذ أن بدأت الجهود الدولية لمواجهة التغير المناخي.

*مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية