ربما حان الأوان لمنح الدبلوماسية فرصةً في حرب أوكرانيا. ففي «حين تكون هناك فرصة للتفاوض، وحين يمكن تحقيق السلام، عليك أن تغتنم الفرصة». كاتب هذه الكلمات هو الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، الذي أفادت بعض التقارير بأنه يحث إدارة بايدن على الضغط على أوكرانيا من أجل السعي وراء نهاية دبلوماسية للحرب.

ووفق تقارير إخبارية، تواجه آراء ميلي معارضة في البيت الأبيض. فحين انسحبت القوات الروسية من خيرسون مؤخراً، وصف مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان ذلك بأنه «لحظة كبيرة» بالنسبة لأوكرانيا، وجدّد التأكيد على أن الإدارة لن تدفع في اتجاه نهاية دبلوماسية للحرب.

والحال أن ممارسة الدبلوماسية هي بكل بساطة عين العقل - وهناك مؤشرات على أن البيت الأبيض ربما آخذ في الوصول إلى هذا الاستنتاج تدريجياً. وبالمثل، فإن تقدّم أوكرانيا على ساحة المعركة يأتي بثمن باهظ جداً. إذ يقدِّر ميلي أن كل جانب تكبّد 100 ألف إصابة على الأقل. وعلاوة على ذلك، فإن القوات الأوكرانية، التي تعتمد اعتماداً كلياً على المساعدة الغربية، تعاني نقصاً في الجنود والعتاد والدعم الجوي والمدفعية. كما أن ملايين الأوكرانيين اضطروا للنزوح بسبب الحرب.

وروسيا دمرت الشبكة الكهربائية الأوكرانية تدميراً. وفي الأثناء، تواجه خيرسون المحرَّرة «كارثة إنسانية»، على غرار معظم أنحاء البلاد. وبينما يحشد الرئيس الروسي فلادمير بوتين مزيداً من الجنود، يبدو أنه ليست هناك فرصة لإخراج روسيا من معظم المناطق الشرقية الناطقة بالروسية، ناهيك عن إخراجها من القرم.

وفي غضون ذلك، ورغم دعم الولايات المتحدة وحلف «الناتو» للجانب الأوكراني، إلا أن استمرار الدعم ليس من دون حدود. ذلك أن العقوبات المفروضة على روسيا تساهم في ما يبدو ركوداً اقتصادياً قاسياً في أوروبا. والمظاهرات الغاضبة التي اندلعت عبر القارة احتجاجاً على ارتفاع تكلفة المعيشة تكشف معارضةً شعبيةً متزايدةً.

وفي مقال نشر مؤخراً، اعترف سفير الولايات المتحدة السابق إلى الأمم المتحدة توم بيكرينغ وجورج بيب، مدير الاستراتيجية الكبرى بـ «معهد كوينسي» (سبق له أن شغل أيضاً منصب مستشار خاص لنائب الرئيس السابق ديك تشيني في الشؤون الروسية)، بالعراقيل التي يبدو من الصعب التغلب عليها، مؤكديْن على أن الدبلوماسية هي الطريق الوحيد لإنهاء الحرب. سيسعى المتحاربون إلى كبح الدعوات إلى السلام أو المفاوضات.

ولكن المخاطر الممكنة أكبر من أن نجلس مكتوفي الأيدي، بينما تكبر الكارثة وتتوسع وتستمر التكاليف - والأخطار - في الارتفاع. وعندما تصل تكلفة إعادة إعمار أوكرانيا إلى قيمة تناهز تريليون دولار فإن واجب إنهاء الحرب واضح، وهناك أصوات متزايدة تدفع نحو حل دبلوماسي. 

*كاتبة وصحفية أميركية- رئيسة تحرير مجلة «ذا نيشن»

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلوميبرج نيوز سيرفس»