من المقرر إجراء الانتخابات في بعض الولايات الهندية من أجل انتخاب مجالسها التشريعية الشهر المقبل.

ويأمل حزب «بهاراتيا جاناتا» الحاكم العودة إلى السلطة في ولاية غوجرات الواقعة غرب البلاد للمرة السابعة على التوالي. وغوجرات هي الولاية التي ينحدر منها رئيس الوزراء ناريندرا مودي، وينظر للانتخابات هناك على أنها قضية هيبة واعتبار بالنسبة لحزب «بهاراتيا جاناتا» الذي يُعد أقوى متنافس، على الرغم من أنه موجود في السلطة هناك منذ أكثر من 20 سنة. وتُعد غوجرات معقل الحزب الحاكم، ويُنسب الفضل إلى مودي في تحويل هذه الولاية إلى مركز اقتصادي خلال الـ13 عاماً التي كان فيها كبير وزراء الولاية.

وخلال انتخابات الولايات الأخيرة التي أجريت في 2012، كان حزب «المؤتمر» قد فاز بـ60 مقعداً، في حين حاز حزب بهاراتيا جاناتا على 116 مقعداً. ولئن كانت التنافس في الانتخابات الماضية قد انحصر بين «بهاراتيا جاناتا» و«المؤتمر»، فإن حزب المعارضة الرئيسي، حزب «عام آدمي»، الذي يقوده ناشط اجتماعي تحول إلى سياسي، دخل إلى المعترك السياسي خائضاً معركة ثلاثية المحاور.

دخول هذا الحزب الجديد إلى الحياة السياسية على مستوى الولاية، مع تطلعٍ إلى زيادة نفوذه السياسي وتحوله إلى لاعب سياسي على المستوى الوطني، تسبب في إزعاج لكل من «بهاراتيا جاناتا» و«المؤتمر». ذلك أن تهديده الرئيسي لا يقتصر على «المؤتمر» فحسب على اعتبار أنه يمكن أن ينافسه على بعض الأصوات، ولكنه يطال أيضاً الحزب الحاكم الذي يعاني من «لعنة الحزب الموجود في السلطة» في وقت تواجه فيه حكومة الولاية تهمة سوء الحكامة. وبدوره، يراهن الحزب الحاكم على شعبية مودي، وفخر الانتماء إلى غوجرات، والقومية الهندوسية، ناهيك عن مساعي التقرب من مجتمعات مختلفة. وهذه المرة، ينصب التركيز أكثر على رئيس الوزراء مودي ووزير الداخلية «أميت شاه»، اللذين ينحدران من الولاية وصعدا إلى السلطة من الحياة السياسية المحلية إلى المركز.

والجدير بالذكر هنا أن الناخبين في الهند يصوّتون في انتخابات الولايات بشكل مختلف عن الانتخابات العامة الوطنية. ذلك أن انتخابات الولايات عادة ما تكون محلية أكثر، حيث ينظر الناخبون إلى المواضيع المحلية، ويتم اختيار المرشحين حسب أولويات ناخبيهم. غير أن مودي، الذي شقّ طريقه من الحياة السياسية المحلية في غوجرات إلى رئيس وزراء الهند، أصبح وجه حملة الحزب.

وتُعد انتخابات غوجرات مهمة لأنه في حال حصل حزب «عام آدمي» على حصة جيدة من الأصوات، فإنها ستقرِّبه من السياسة الوطنية أكثر لتحدي مودي. إذ يبدو أن المخطط الأكبر لزعيمه، أرفيندكيجريفال، هو الدخول إلى الحياة السياسية الوطنية. وما زال من غير المعروف كيف سيكون أداء حزب «المؤتمر» في هذه الانتخابات. فهذا الأخير شرع في التراجع تدريجياً عن مكانته باعتباره حزب المعارضة الرئيسي في البلاد إزاء أحزاب سياسية أخرى على مستوى الولايات. وعلى مدى السنوات العشر الأخيرة، شهدت انتخابات الولايات صعود بعض الزعماء المحليين.

وعلاوة على ذلك، يواجه حزب «المؤتمر» أزمة وجودية. ولكن الآن ومع انتخاب زعيم جديد للحزب هو أرجون ماليكارجون خارجي وانخراط راهول غاندي في مسيرة «توحيد الهند» مشياً على الأقدام عبر أرجاء البلاد، أثار ذلك حماس كوادر الحزب. غير أنه ما زال من غير الواضح بعد ما إن كان لأي من ذلك تأثير على الانتخابات.

وبالمثل، تذهب ولاية هيماتشال براديش الجبلية إلى الانتخابات التي يسعى فيها حزب «المؤتمر» إلى انتزاع السلطة من «بهاراتيا جاناتا». ففي بيانه الانتخابي، أعلن حزب «المؤتمر»، الذي لديه فرصة أفضل في هيماتشال، عن سلسلة من الأشياء المجانية، بما في ذلك كهرباء بالمجان بمقدار 300 وحدة كل شهر لكل الأُسر، ومساعدة مالية قدرها 150 روبية كل شهر للنساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 18 و60 عاماً. كما وعد الحزب بتوفير 100 ألف وظيفة حكومية وفتح عيادات متنقلة في كل قرية.

غير أن استطلاعات الرأي ترجح فوز حزب «بهاراتيا جاناتا» وتتوقع حصول الحزب على أغلبية مجلس الولاية البالغ عدد مقاعدها 68. وبغض النظر عن النتيجة التي ستسفر عنها هذه الانتخابات، إلا أن الحزب الحاكم ما زال يحافظ على قبضة قوية على السلطة. كما أنه ما زال يتمتع بنفوذ في شمال الهند وخاصة في معاقله التقليدية مثل غوجرات.

وحتى الآن، عجزت أحزاب المعارضة عن خلعه من السلطة. إذ يظل رئيس الوزراء ناريندرا مودي رئيس وزراء ذا شعبية. وتكتسي انتخابات الولايات هذه أهمية كبرى أيضا لأنها ستفضي إلى انتخابات 2024 العامة التي سيسعى فيها مودي إلى الحصول على ولاية ثالثة في السلطة.

ومن شأن أداء قوي في هذه الانتخابات أن يساعد أيضاً على تحديد نوع المعارضة التي سترى النور. في الوقت الراهن، المعارضة منقسمة. والأحزاب الصغيرة تبدو حذرة من الانحياز إلى حزب «المؤتمر»، الذي كان حتى الأمس القريب من دون قيادة وبدون بوصلة.

وإلى ذلك، ستتيح انتخابات الولايات أيضاً فكرة عما إن كان حزب «عام آدمي»، مثلاً، يمكن أن يكون جزءاً لا يتجزأ من المعارضة، وما إن كانت هناك أي إمكانية لظهور تحالف معارضة من دون حزب «المؤتمر». غير أن التركيز في الوقت الراهن ينصب على انتخابات الولايات التي يبدو فيها حزب «بهاراتيا جاناتا» الحاكم، في الوقت الراهن على الأقل، متقدماً بوضوح.

* رئيس مركز الدراسات الإسلامية - نيودلهي.