البعد التاريخي للبشرية يسجل ويؤكد تكرار حدوث الكوارث الطبيعية والأزمات، لذا فإن الشعوب والدول أصبحت أكثر اهتماماً في إدارة الأزمات والكوارث الطبيعية، وتقييم المخاطر ومحاولة قراءة المؤشرات، والتنبؤ بالتحديات والأحداث المستقبلية.
تتعدد وتتنوع الأزمات والكوارث، وترتبط فيما بينها. على سبيل المثال، الكوارث الطبيعية تمثل فترة زمنية قصيرة مخلفةً أزمات متعددة ومتداخلة تطول فترتها الزمنية عن الكوارث كالفيضانات والزلازل، والتي تخلف وراءها دماراً في البنية الأساسية والمساكن وتشريد وموت واختفاء الناس. وهذا المثال يرتبط بالكوارث الطبيعية المناخية والجيولوجية، فهناك أيضاً الكوارث البيولوجية كالأوبئة والكوارث الكونية كنيازك، وهي تعتبر خارجةً عن الإرادة الفعلية البشرية، وعلى الجانب الآخر، هناك كوارث بفعل الإرادة البشرية من الأعمال الإرهابية وجرائم التخريب والحروب الدولية والأهلية إلى أحدث الأعمال المتعمدة كالهجوم على الأمن السيبراني. وتكمن أزمات أخرى ليست ناجمة عن عمل متعمد كالحرائق والحوادث المرورية الكبيرة والتسريب الإشعاعي وتلوث التربة. ومن الأهمية بمكان ذكر أن قوة الأزمات تعتمد على عناصر متعددة، أهمها عنصر المفاجئة، وحجم الشريحة والقطاعات المتأثرة، وعمر الأزمة، والآليات والسياسات المستخدمة في مواجهة الأزمة، ومدى توافر إدارة وقيادة تجمع مختلف المؤسسات والقطاعات والمجتمع في مواجهة الأزمة واتخاذ وتطبيق القرارات الحاسمة.
مما لا شك فيه بأن إدارة الأزمات والكوارث أصبحت تحتاج إلى تعاون دولي من منطلقات حقيقة بأن لا توجد دولة تستطيع الاعتماد على قدراتها في توفير حاجاتها الأساسية من سلع ومواد وخدمات متعددة ومختلفة، فالعالم بدولهِ وشعوبهِ وصناعاتهِ ومواردهِ يعيش في حلقات من الاعتماد المتبادل المتعدد والمتشعب. وعلى حقيقة أن منظمة الأمم المتحدة تأسست من منطلقات وضع حد للحروب والنزاعات الدولية، إلى جانب تعزيز التعاون الدولي وأهمية حقوق الإنسان والعدالة، فإن المنظمة التي نقترحها تأتي أهمية تأسيسها عبر مواجهة الكوارث الطبيعية والأزمات والأوبئة ذات التأثير الإقليمي والدولي، والتي تهدد حياة الأمم من توفير ووصول السلع والخدمات الأساسية في الحياة. ونفترض في المنظمة الدولية المعنية في إدارة الأزمات والكوارث بأنها تقوم بمهام عدة، منها: الاستطلاع وقراءة المستقبل، محاولةً التنبؤ بالتحولات والحوادث ومصادر النزاع الدولي والمخاطر المحتملة كصيانة المفاعلات النووية القديمة. ومن المهام، تحديد الدول والشركات والمصانع ونطاقها الجغرافي في التزويد والإمداد والتوزيع للسلع والخدمات بين مختلف الأقاليم والقارات. إلى جانب القدرة على إيجاد آليات وسياسات لحفظ وتوفير السلع البديلة للسلع الغذائية الرئيسية والأدوية الأكثر طلباً وأهمية. ومن الأدوار المهمة، تأمين طرق مواصلات بديلة ومتعددة بين الدول في حالات الأزمات طويلة الأمد، ولعل حادثة بركان آيسلندا 2010 أفضل مثال هنا، والذي شل حركة الملاحة الجوية الأوروبية لمدة بسيطة، وبدأ معه العالم يتحدث عن تزايد أهمية السفن. 
أخيراً، على المنظمة دعم قطاعات الزراعة وصناعات الأدوية والتعليم عن بُعد وتأمين الحصول على السلع الأساسية كالقمح والمياه الصالحة لاستخدام البشر في مختلف مناطق العالم، فكل ذلك سيجعل العالم أكثر قوة ومناعة وجاهزية لمواجهة الأخطار والتحديات المستقبلية. 

*كاتب ومحلل سياسي