مُنحت جائزة نوبل في الفيزياء لسنة 2022 لثلاثة باحثين عرفاناً بتجاربهم الرائدة في علم المعلومات الكمية، وهو مجال يشهد تطوراً متواصلاً ويمكن أن يُحدث ثورة في الحوسبة، والتشفير، ونقل المعلومات من خلال ما يعرف ب«النقل الكمي». 
علماء الفيزياء الثلاثة هم «جون إف. كلاوسر»، 79 عاماً، من وولنت كريك بولاية كاليفورنيا، و«ألان أسبيه»، من جامعة باريس سكالي وكلية بوليتيكنيك في فرنسا، و«أنتون زيلينجر»، 77 عاماً، من جامعة فيينا. 
ووجد علماء الفيزياء الذين تم تكريمهم يوم الثلاثاء طرقاً تجريبيةً لتأكيد ما كان من قبل مجرد نظريات، بما في ذلك «تشابك» الفوتونات (جزئيات الضوء) ضمن عملية سمّاها ألبرت اينشتاين على نحو شهير ب«عمل مخيف من بعيد». ومثلما قالت الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم يوم الثلاثاء، فإن «ما يحدث لجسيم معين في ثنائي متشابك يحدد ما يحدث للآخر، حتى وإن كانا بعيدين جداً عن بعضهما البعض حتى يؤثرا على بعضهما البعض. وبفضل تطوير الفائزين لأدوات تجريبية، تسنى إرساء أسس عصر جديد من تكنولوجيا الكم». 
وبالنسبة لكلاوسر، فقد استغرق التكريم وقتاً طويلاً. وقال كلاوسر، الذي كان مبتهجاً صباح الثلاثاء عندما وصل إلى بيته: «هذا كله من أجل العمل الذي قمتُ به قبل أكثر من 50 عاماً». 
حين كان طالباً متخرجاً من جامعة كولومبيا، حيث نال شهادة الدكتوراه في 1969، «كنتُ أكافح من أجل محاولة فهم ميكانيكا الكم، من دون نجاح. ولم أكن أفهم ما الذي لم أكن أفهمه»، يقول كلاوسر. ولكن بعد ذلك عثر على دراسة لعالم الفيزياء جون بيل تشير إلى أن نظرية الكم ومجموعة منافسة من النظريات، تعرف ب«المتغيرات الخفية»، غير منسجمتين مع بعضهما البعض. فقال كلاوسر في نفسه: «إذا كان هناك اختلاف بين الاثنين، فلا بد أنه قابل للاختبار». 
وبعد أن انتقل كلاوسر إلى جامعة كاليفورنيا في بريكلي، بحث وزملاؤه في غرف التخزين عن مواد، فوجدوا «خردة ملقاة في قسم الفيزياء» وقطعوا المعدن في ورشة. وقال كلاوسر: «لم يكن لدينا أي مال لننفقه، ولهذا كان علينا أن نصنع كل شيء من الصفر بأنفسنا». والنتيجة كانت جهازاً يبلغ طوله 30 قدماً (9 أمتار) ويمكنه إرسال الفوتونات – جسيمات الضوء – في اتجاهين متعاكسين. 
وفي 1972، أعلن كلاوسر وطالب الدكتوراه ستيوارت فريدمان – الذي توفي في 2012 – أن تجربتهما رصدت تشابكا ينسجم مع تنبؤات ميكانيكا الكم، وفقا للأكاديمية. وقال كلاوسر إنه فوجئ بالنتيجة، التي كانت تتناقض مع آراء اينشتاين بخصوص ميكانيكا الكم. 
وقال كلاوسر إنه كان لم يتلقَ اتصالاً بعد من مسؤولي الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم حينما اتصلت به صحيفة «واشنطن بوست» هاتفياً، وأنه علم بخبر الجائزة من «معجب» يتتبع أعماله منذ سنوات. ثم تلت ذلك سلسلة من المقابلات مع وسائل الإعلام. ويذكر هنا أنه تقليدياً جرت العادة أن الفائزين بجائزة نوبل لا يُعطون إشعاراً مسبقاً ولا يتم الاتصال بهم هاتفياً إلا قبيل الإعلان عن الفائزين بالجائزة بوقت قصير.
ومن جانبه، تلقى زيلينجر مكالمة هاتفية. 
وقال خلال مؤتمر صحفي في الأكاديمية: «كان شيئاً لطيفاً تلقي مكالمتكم الهاتفية قبل حوالي ساعة فقط. وما زالتُ مصدوماً نوعاً ما». 
وتُعد ميكانيكا الكم مجالاً من مجالات الفيزياء يعود تاريخه إلى أكثر من قرن من الزمن، وقد أسفر عن تطبيقات مثل أجهزة الترانزيستور والليزر التي يستخدمها الناس في حياتهم اليومية. غير أن التطبيقات الممكنة لمبادئ ميكانيكا الكم تبدو بلا حدود. وقالت الأكاديمية إن «أسبيه» قام، حين كان طالب دكتوراه، بتحسين فعالية التجارب المبكرة التي قام «كلاوسر» ووضوحها، وبعد ذلك، بحث «زيلينجر» أنظمة تستخدم أكثر من اثنين من الجسيمات المتشابكة. وقد سبق للفائزين الثلاثة بجائزة نوبل أن كُرموا كثلاثي من قبل، حيث فازوا بجائزة «وولف» الإسرائيلية في الفيزياء عام 2010.

جويل آخنباخ

صحافي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»