بالإضافة إلى التعاون الخليجي الجماعي، اكتسب التعاون الثنائي بين دول مجلس التعاون منذ منتصف العقد الماضي زخَماً كبيراً، وبالأخص من خلال لجان التعاون الثنائي والتي تمخض عنها تنفيذ مشاريع تنموية مهمة. وقد جاءت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الأسبوع الجاري، لسلطنة عمان لتضيف الكثيرَ لهذا التوجه الخليجي، والذي يتوقع أن يكتسب المزيدَ من الأهمية بفضل التوجهات والسياسات المتَّبعة، لاسيما أن تنفيذ المشاريع على المستوى الثنائي يتطلب إجراءات أقل، مما يسهل الإسراع بعملية تنفيذها.
والتعاون الإماراتي مع دول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك سلطنة عمان، تمتد جذوره عميقاً، وقد نجم عنه تنفيذُ الكثير من المشاريع المهمة التي ساهمت في تَطوّر البنى التحتية وزيادة الاستثمارات المشتركة والتجارة البينية، وبالتالي دعم النمو ومستويات المعيشة، حيث تمكن الإشارة هنا إلى أحد هذه المشاريع الحيوية متمثلاً في محطة «عبري» لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية بتكلفة 403 مليون دولار، والذي أُقيم بمشاركة إماراتية، مما سيساهم في تقليل الاعتماد على الغاز الطبيعي في إنتاج الطاقة الكهربائية وتزويد 50 ألف منزل بالكهرباء، مع توفير المزيد من الغاز لتصديره للخارج. كما تمثل «محطة ظفار لطاقة الرياح»، والتي تُنَفذ بتمويل من صندوق أبوظبي للتنمية أهميةً خاصةً لتطوير مصادر الطاقة النظيفة، حيث توفر الكهرباء لـ16 ألف منزل، وهو ما يشكل 7% من حاجة محافظة ظفار للطاقة الكهربائية.
ويمثل التبادل التجاري بين الإمارات وعُمان أهميةً خاصةً للبلدين، حيث تَضاعف حجم هذا التبادل خمس مرات خلال العقد الماضي ليصل إلى 50 مليار درهم، كما تنامت الاستثمارات المشتركة لتبلغ 6.1 مليار درهم، إذ تعد سلطنة عمان ثاني شريك تجاري خليجي لدولة الإمارات.
ونظراً لحجم ونوعية المشاريع التي أُعلن عنها خلال الزيارة، فإن نقلةً نوعيةً سيشهدها التعاون الثنائي بين البلدين، مما سيمثل دفعاً قوياً لسائر أوجه التعاون، وذلك بفضل نوعية المشاريع الجديدة وحجم الاستثمارات المشتركة فيها، حيث نلاحظ التركيز على تنفيذ المشاريع ذات الآفاق المستقبلية، خاصة مشاريع الطاقة النظيفة والتقنيات المتقدمة، وتوجيه الاستثمارات المشتركة لهذه القطاعات بصورة أساسية.
وضمن 16 اتفاقيةً ومذكرةَ تفاهم تم توقيعها بين الجانبين، جاءت مجالاتُ الطاقة والصناعة والبحث العلمي والابتكار وتقنية المعلومات والذكاء الاصطناعي والتدريب المهني.. في مقدمة هذه الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، وذلك إلى جانب القطاعات التقليدية التي ستساهم في توفير الكثير من فرص العمل، كالنقل والمواصلات والثروة الزراعية والحيوانية والسمكية والخدمات المالية.
والحقيقة أن التعاون الخليجي، سواء أكان ثنائياً أم متعدد الأطراف، يُعتبر كلُّه داعماً ومكمِّلاً للتعاون الجماعي في نطاق مجلس التعاون الخليجي نفسه، بدليل تضمين إحدى الاتفاقيات الموقَّعة بين الإمارات وعمان التعاون بين شركة قطارات عمان وشركة الاتحاد للقطارات، مما سيساهم دون شك في تطوير شبكة السكك الحديدية العمانية وبالتالي تسريع انضمامها للشبكة الخليجية الموحدة.. مما يعني أيضاً أن هذه الزيارة المهمة تمثل إضافة كبرى للتعاون الثنائي بين البلدين وللتعاون الخليجي بشكل عام، وهو ما سيجد له انعكاساتٍ على معدلات النمو والتنمية في دول المجلس. 


*خبير ومستشار اقتصادي