في توقيت بالغ الأهمية ستستضيف الإمارات قريباً القمة العالمية للاقتصاد الأخضر، والتي تمثل إحدى أهم المنصات العالمية الداعمة لجهود حماية البيئة. فتجمع كوكبة من أهم صناع القرار والخبراء لمناقشة المتطلبات الآنية والتوجهات المستقبلية العالمية، وآلية تحفيز وتيرة العمل للحفاظ على البيئة.
لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة لعام 2030، تعمل الإمارات على إيجاد طرائق كفيلة باستثمار تقنيات الثورة الصناعية الذكية وتوظيف الابتكار في قطاع الإنتاج الغذائي والزراعة، بهدف تقديم حلول عالمية مستدامة تسهم في تحسين حياة الإنسان، ولتعزيز الأمن الغذائي العالمي. وقبل نحو 4 سنوات أطلقت استراتيجيتها الوطنية للأمن الغذائي 2050 لتتحول بتنفيذها إلى مركز عالمي للأمن الغذائي، وتمكين إنتاج الغذاء المستدام، وهو ما يعزز قدرتها على تقديم حلول عالمية مستدامة تسهم في تحسين حياة الإنسان، وبالتالي التحول نحو الاقتصاد الأخضر والدائري.
تأتي أهمية القمة من إدراك خطورة الموقف العالمي الذي يتمثل بانعدام الأمن الغذائي الحاد الذي طال حوالي 40 مليون شخص إضافي عام 2021، ليصل العدد المسجل إلى نحو 200 مليون حسب تقرير الأمم المتحدة الأخير. والرقم مرشح للزيادة كثيراً لأن التقرير لم يشمل آثار الحرب في أوكرانيا.
في ظل ما يواجه العالم من أزمات إثر اندلاع تلك الحرب - على صعيد توافر الطاقة والقمح – تعاملت الإمارات مبكراً مع قضية الأمن الغذائي، واعتبرتها من ضمن أولويات أمنها القومي. فمنذ 10 سنوات اتخذت خطوات مهمة لضمان قدرتها على التعامل بشكل أفضل مع ما قد يطرأ من مستجدات في العالم، وأسست تحالفاً للأمن الغذائي يتألف من 14 شركة وطنية، وضخت استثمارات كبيرة في الإنتاج الزراعي وسلاسل إمداد الغذاء ومعالجة الغذاء في الداخل والخارج، كما أسست لمخزون إستراتيجي وطني للسلع الغذائية الرئيسة، وكل ذلك أسهم في طمأنة المستهلك المحلي.
والقمة المرتقبة مھمة جداً، ليس فقط لأنها تعمل على حماية البيئة، بل أيضاً لكونها تستهدف تمكين الشراكات، وتبادل الخبرات، وتقديم أحدث الخطط والسياسات للحفاظ على الأمن الغذائي، ومناقشة المحاور التي تسهم في دفع مسيرة التحول نحو الاقتصاد الأخضر وتسريع عجلة التنمية المستدامة لتفادي الأزمات الغذائية، مع إيجاد حلول مبتكرة فعالة لتوفير مصادر جديدة للغذاء اعتماداً على التكنولوجيا الحديثة، بالإضافة إلى إلقاء الضوء على مساعي الإمارات في تعزيز التمويل الأخص. فهي أول دولة تطوّر وتصدر دليلاً لقياس التحول نحو الاقتصاد الأخضر، وهي التي أنشأت مشاريع كبرى لإنتاج الطاقة المتجددة التي جعلتها الأولى عربياً وإقليمياً بلا منازع في هذا الجانب. فافتتحت «شمس 1» وهي محطة الطاقة الشمسية المُركزّة الأكبر في العالم، ومحطة إنتاج الطاقة من النفايات، ومدينة «مصدر» صديقة للبيئة.
تتبنى الإمارات رؤية مستقبلية طموحة لتعزيز ممكنات التنوع الاقتصادي وتطوير قطاعات اقتصادية جديدة في المجالات التي تخدم مسيرة التنمية المستدامة، والاقتصاد الأخضر هو أحد أبرز القطاعات التي تخدم هذا التوجه، فقطعت فيه خطوات مهمة، وشهد هذا المجال نمواً ملموساً في السنوات الماضية. لكن ومن أجل تعميم الفكرة عالمياً، خصصت الإمارات 400 مليون دولار لتمكين انتقال الدول النامية إلى الطاقة النظيفة، وتعهدت كذلك بالمساعدة في توفير الكهرباء الخضراء لـ100 مليون مواطن في أفريقيا بحلول عام 2035، وتعمل على الاستثمار في التقنيات التي من شأنها إنتاج الغذاء ومكافحة الجوع مع الحفاظ على البيئة، وتواصل جهودها مع الدول وصناع القرار والخبراء من أجل تأسيس منظومة أمنية متكاملة في قطاعي الغداء والطاقة في جميع الدول، وخصوصاً في الدول التي انهارت اقتصاداتها فبات خط الفقر هو الأبرز فيها.