تعتبر القوة وسيلة لتحقيق المصالح الوطنية، مما يسهم في المحصلة النهائية إلى زيادة قوة الدولة في علاقة طردية، فكلما حققت الدولة مصالحها كانت قوية، وكلما كانت الدولة قوية تمكنت من تحقيق مصالحها. ومفهوم القوة في العلاقات الدولية هو مقياس لقدرة الدولة وقوتها، وهو ما يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالسلطة وفرض الهيمنة والمجال الحيوي للدول ما بين الإكراه والإجبار للطرف الآخر بهدف الانصياع والإذعان واستهداف إيرادات الدول، ويكون ذلك في إطار وخيارات محددة يقوم بها الطرف القوي على حساب الطرف الضعيف، وكل ذلك يكون من خلال عدة مراحل ومستويات قد تنتهي بالإجبار القسري.
وتعتمد الدول على القدرات والإمكانيات العسكرية المتقدمة باعتبارها أساس قوة الدول فيما سبق، ولا تزال كذلك مع إضافة عوامل أخرى لا تقل أهميةً كالصراع على المجال الفضائي وفرض العقوبات، والحصار والاحتكار، والتفوق الاقتصادي والصناعي والمالي، والحرمان المعرفي والتقني. وتعد الأرض وما عليها وما تحتها والموقع الجغرافي ومساحة الدولة وحدودها، ومنافذها المختلفة والموارد الطبيعية ورأس المال البشري ضمن ترسانة قوة الدول. والولايات المتحدة الأميركية هي أحد أكبر النماذج لمفهوم الدولة التي تمتلك القدرات العسكرية والاقتصادية والجغرافية والجيوبولوتيكية، والجيوسياسية والمعرفية والتكنولوجية والاستخبارية، وقدرة الردع الاستراتيجي وتوظيفها لموقعها ومواردها الطبيعية كمصدر قوة، ناهيك عن جذب العنصر البشري الماهر وتنميته ودعم البحث العلمي والابتكار، وبراءة الإختراعات والتحالفات والتكتلات السياسية وغير السياسية، والحفاظ على مصالح الدولة الحيوية وتحقيق الهيمنة والتفوق النوعي على المنافسين. 
وتعتبر القوة من وسائل فرض النفوذ، وفي الوقت ذاته هي أداة ضبط ومنع لتوغل الدول‏ الأخرى في شؤون غيرها أو العكس، أو استخدام التلاعب النفسي والمعنوي للتأثير على النظام السياسي للبلد المستهدف وتقويضه من خلال القوة الناعمة، أو استخدام القوة الصلبة من خلال القوة العسكرية، أو اللجوء للقوة الحادة من خلال السياسات العدوانية والتخريبية التي تستخدمها الحكومات لإسقاط سلطات الدول، وهذه القوة لا يمكن وصفها بالقوة الصلبة أو القوة الناعمة أو الذكية التي تجمع بين الصلبة والناعمة، أو الشاملة التي تجمع بين كل أنواع القوة في العلاقات الدولية.
ومروراً بالقوة الذكية والشاملة أصبحت القوة العابرة «للزمكان»، أو القوة الفائقة هي التوجه المستقبلي غير المكتوب للأمم، حيث لا تسعى القوى الكبرى للتأثير والسيطرة والهيمنة وفرض أجنحتها على الآخر على هذه الأرض فقط، بل في الفضاء الخارجي وفك أسرار الفضاء المجهول، مع الأخذ بعين الاعتبار أبعاد لم تكن ضمن قائمة أسلحة القوة الذكية، وهي التأثير على العقل والقلب والروح معاً من خلال التقنيات والعلوم الحديثة التي لا يتم تداولها بين عامة الناس في الغالب، وقدرات معرفية غير معلنة تسخّر لتحقيق التفوّق بالجمع بين القوة المادية والمعنوية والعقلية والتي تقع في المنطقة الداكنة والقوى غير المعرفة وتعتبر خفية، وبدورها تعد القوة الاقتصادية حجر الأساس لباقي القوى الكامنة والمدركة وتطويرها. 
فالقدرة على التأثير في الآخرين دون رد فعل عنيف لا يقاوم، وبغض النظر عن الوسيلة هي مهمة الحكومات للمحافظة على ديمومة التنمية في مجتمعاتها، وجعل موارد الحياة والتوسع في الحصول عليها مهما كان الثمن عقيدةً ثابتة لها. وتعتبر القوة حقاً من حقوق الدول لتوفير الأمن والرخاء للفرد، ومن هنا اكتسب حق استعمال القوة والتأثير على النظام الدولي قبل المحلي والاقليمي صفة شبه رسمية، وإنْ كانت القوانين الدولية لا تقرّها لأنها كتبت في قرون سابقة، ولم تعد مناسبة للتطوارات الحاصلة، ولذلك يصعب من خلالها حوكمة النظام العالمي الحالي.

وتعم الفوضى العالم اليوم بسبب الفجوة الكبيرة في هذا الجانب، والقيم المعيارية التي اتبعها الفاعلون الرئيسيون في وضع تلك القوانين والتشريعات كجزء من قوانين فرضها المنتصر على الخاسر، وحتى التعديلات على مر العقود كانت تؤكد هيمنة الجهات الأكثر قوة فقط.

كاتب وباحث إماراتي في شؤون التعايش السلمي وحوار الثقافات