بلغت حالات الإصابة بفيروس «جدري القرود» حتى الآن 28.220 إصابة مؤكدة تضم 27.875 إصابة في دول ليس لها تاريخ سابق في تفشي ذلك الفيروس، و345 إصابة في دول سبق لها الإعلان عن ذلك الوباء ومنها الولايات المتحدة الأميركية، التي أعلنت عن 7510 إصابات حتى الآن.

ويعود أول إعلان عن اكتشاف هذا الفيروس إلى العام 1958 بين الحيوانات في وسط وغرب أفريقيا، وتلا ذلك في العام 1970 الإعلان عن أول إصابة بين البشر في جمهورية الكونغو الديموقراطية، ثم توالى انتشاره بعد ذلك في العديد من مناطق العالم. وقد أعلنت واشنطن يوم الجمعة الماضي أن تفشّي جدري القرود بلغ درجة حالة «طارئةً صحية عامة»، وذلك بعد تزايد كبير في أعداد الإصابات بالفيروس وخاصة في ولاية نيويورك.

وبالرغم من عدم إعلان منظمة الصحة العالمية اعتبار فيروس «جدري القرود» وباء عالمياً، طالبت المنظمة جميع دول العالم باتخاذ العديد من التدابير الوقائية لمواجهته، وذلك خلال الاجتماع الثاني للجنة الطوارئ الذي عُقد يوم الخميس 21 يوليو الماضي لمناقشة تطورات تفشي الفيروس. والمتتبع لتوصيات تلك اللجنة يجد أن معظمها يركز على اتخاذ إجراءات مماثلة لتلك التي تم اتخاذها لمواجهة وباء كوفيد – 19.

ومن تلك التوصيات ضرورة تفعيل أو استحداث آليات تنسيق صحية ومتعددة القطاعات لتعزيز جميع جوانب الاستعداد للاستجابة لجدري القردة ووقف انتقال العدوى بين البشر. وعدم التمييز أو التفرقة بين حاملي الفيروس وبقية فئات المجتمع، وتكثيف قدرات الكشف من خلال التوعية وتدريب العاملين الصحيين، بمن فيهم العاملون في مجال الرعاية الأولية والعديد من العيادات مثل وعيادات الصحة التناسلية، وأقسام الرعاية العاجلة/ الطوارئ، وعيادات طب الأسنان، وطب الجلد، وطب الأطفال، والأمراض المعدية، وغيرها.

إضافة إلى ضرورة تنفيذ حملات مجتمعية لنشر الوعي حول مخاطر هذا الفيروس وطرق الوقاية منه، وتنفيذ إجراءات الاستجابة الفورية بهدف وقف انتقال الفيروس بين البشر، وتعزيز قدرات البنية التحتية الصحية.

ونستطيع الجزم بأن كافة تلك الإجراءات، سواء ما قبل أو اثناء أو بعد تفشي فيروس جدري القرود، قد تم تطبيقها بالفعل في دولة الإمارات العربية المتحدة قبل انتشار فيروس كوفيد – 19، الأمر الذي ساهم بقوة في التخفيف من عواقبه وعلى سرعة التعافي من آثاره السلبية الخطيرة التي أصابت كافة دول العالم.

وتمثلت سياسة الإمارات في هذا المجال في وضع وتنفيذ استراتيجيات إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، والتي تبدأ بتحليل وتقييم المخاطر ثم صياغة الخطط الوطنية الكفيلة بمواجهتها وتنفيذ برامج التدريب والتمارين للتأكد من سلامة تلك الخطط من أجل ضمان نجاح وفعالية الاستجابة لمواجهة الجائحة والتقليل قدر الإمكان من تداعياتها السلبية، وبالتالي حماية الاقتصاد الوطني والبنية التحتية من الانهيار والتدهور بهدف التقليل من زمن التعافي من الأزمة. إضافة إلى إجراءات نشر الوعي بين أفراد المجتمع، الذين ينحدرون من كافة ثقافات العالم.

ومما لا شك فيه أن الدروس المستفادة من وباء كوفيد – 19 قد ساهمت في بلورة استراتيجية الوقاية من «جدري القرود»، وبالتالي حماية المجتمع والاقتصاد من أي مخاطر قد تحدث نتيجة انتشاره لا سمح الله.

* باحث إماراتي