انعقدت قمة تجمع I2U2، وهو تجمع يتكون من الهند وإسرائيل ودولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية لأول مرة في أكتوبر من العام الماضي باجتماع افتراضي لوزراء خارجية هذه الدول الأربع. ويُطلق على هذا التجمع «غرب آسيا الرباعي» بالنسبة للهند، بالإضافة إلى «منتدى الأمن الرباعي» المعروف أيضاً باسم «الرباعي» الذي يتألف من الولايات المتحدة وأستراليا واليابان والهند.

وفي هذا الأسبوع، اجتمع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورئيس الولايات المتحدة جو بايدن، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، ورئيس وزراء إسرائيل يائير لابيد، في أول اجتماع على مستوى القمة للمجموعة. وتُظهِر خطة الإمارات لاستثمار ملياري دولار لتطوير سلسلة من المجمعات الغذائية المتكاملة في جميع أنحاء الهند، أن مجموعة I2U2، التي تشكلت قبل عام واحد فقط، بدأت تكتسب بعض الزخم. ويؤكد تشكيل هذه المجموعة على الأهمية المتزايدة للتجمعات متعددة الأطراف، حيث يجلب كلُّ بلد خبرتَه الخاصة إلى طاولة التعاون متعدد الأطراف. الهدف الرئيسي المعلن لتجمع I2U2 هو هدف اقتصادي على الرغم من وجود زاوية إستراتيجية شاملة وسط ما أصبح عالَماً متعدد الأقطاب.

وقال البيان الذي صدر بعد اجتماع قمة قادة I2U2 إن نيودلهي ستوفر الأرض وتسهل اندماج المزارعين في حدائق الطعام. وكان التركيز الرئيسي للمجموعة خلال اجتماع القادة على أزمة الأمن الغذائي والطاقة النظيفة. كما ناقشوا وسائل مبتكرة لضمان إنتاج أغذية أكثر تنوعاً وطويلةَ الأجل وأنظمةً لتوصيل الغذاء يمكنها إدارة الصدمات الغذائية العالمية بشكل أفضل. ستدمج المجمعاتُ الغذائيةُ أحدثَ التقنيات الذكية مناخياً للحد من هدر الطعام وفساده، والحفاظ على المياه العذبة، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة.

وستتم دعوة القطاعات الخاصة في الولايات المتحدة وإسرائيل للمشاركة في مجمعات الغذاء هذه في الهند، حيث ستساعد هذه الاستثمارات في تعظيم إنتاج المحاصيل، وبالتالي في معالجة انعدام الأمن الغذائي في جنوب آسيا والشرق الأوسط. ومن بين الأهداف المعلنة للمجموعة أيضاً تعزيز التعاون لإنشاء مشروع للطاقة المتجددة الهجين في ولاية جوجارات الهندية، والذي سينتج 300 ميجاوات من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، مع استكمالها بنظام تخزين طاقة البطارية.

وسيكون هذا كذلك جهداً تعاونياً. وقد مولت وكالة التجارة والتنمية الأميركية دراسةَ جدوى للمشروع بقيمة 330 مليون دولار. تستكشف الشركات التي تتخذ من الإمارات العربية المتحدة مقراً لها فرصَ العمل كشركاء في المعرفة والاستثمار، فيما تعتزم إسرائيل والولايات المتحدة العمل مع الإمارات والهند لتسليط الضوء على فرص القطاع الخاص.

وتحرص الشركات الهندية على المشاركة في هذا المشروع الذي سيساهم في تحقيق 500 جيجا وات من سعة الوقود غير الأحفوري بحلول عام 2030. ولا شك في أن مثل هذه المشاريع لديها القدرة على جعل الهند مركزاً عالمياً لسلاسل التوريد البديلة في قطاع الطاقة المتجددة. وتتمتع الهند منذ فترة طويلة بعلاقات قوية مع جميع دول الخليج العربية وكل دول غرب آسيا تقريباً.

لكن رئيس الوزراء ناريندرا مودي، منذ وصوله إلى السلطة في عام 2014، عزز من مشاركةَ الهند، لا سيما مع دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، والتي تحولت الآن إلى علاقات استراتيجية. وتنظر نيودلهي إلى المنطقة كجزء من الجوار الممتد للهند، إذ تُعدُّ الإماراتُ حالياً ثالثَ أكبرِ شريك تجاري للهند، وقد نجح البلدان في إبرام اتفاقية تجارة حرة. وبالمثل، تعززت علاقات الهند مع إسرائيل على خلفية علاقات الدفاع الوثيقة. ومع ذلك، فإن إدراج الهند في هذا التجمع سيتطلب أيضاً بعض التعامل الدبلوماسي الماهر بسبب إيران التي تدهورت علاقتُها مع الغرب.

وبالمثل، تنظر الولايات المتحدة أيضاً إلى تجمع «I2U2» كوسيلة لتعزيز علاقاتها مع الشرق الأوسط. لقد تواصل الرئيس بايدن بالفعل مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي الأخرى لضمان أمن الطاقة، حيث أثّرت الحربُ في أوكرانيا والعقوبات المفروضةُ على روسيا على أسعار الطاقة الآخذة في الارتفاع.

لا شك في أن جدول أعمال هذا التجمع الجديد قد بدأ في التبلور. وينصب تركيزه الأول على تغير المناخ والأمن الغذائي، وهما التحديان اللذان يواجههما العالم في الوقت الحاضر. وقد أعلن التجمع بالفعل أن مجالات تركيزه هي تعزيز الشراكة الاقتصادية في التجارة والاستثمار في المناطق الخاصة وخارجها. وكانت إعلانات دول التجمع متوافقة فيما يتعلق بمجالات تمتد من المياه والطاقة والنقل والفضاء والصحة إلى الأمن الغذائي.

وقد حددت البلدان هدف التطلع إلى تحديث البنية التحتية، واستكشاف سبل التنمية منخفضةَ الكربون للصناعات، وتحسين الصحة العامة، وتعزيز تطوير التقنيات الناشئة والخضراء الهامة. وما من شك في أن ثمج تركيزاً كبيراً في هذه المجموعة. وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، فإنه على الرغم من أن هذه «الدول لا تشترك في الحدود الجغرافية، إلا أنها تتلاقى من أجل السلام والعمل المشترك لتحقيق الرفاهية والازدهار». ويبقى أن نرى ما إذا كانت البلدان قادرة على الحفاظ على هذا الزخم.

*رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي