كتب أحد المغردين المصريين قبل أيام على موقع التدوينات القصيرة «تويتر» بضع كلمات قصيرة، عبر فيها عن احتجاجه على ما تضمنه تقرير وزارة الخارجية الأميركية عن حالة حقوق الإنسان في مصر.

وقال إن مما زاد الطين بلّة، نشر هذا التقرير الذي لا يُعبر حقيقة عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر على الصفحة الرئيسية في موقع السفارة الأميركية بالقاهرة. وتساءل: هل يمكن أن تنشر السفارة المصرية في واشنطن على موقعها الإلكتروني تقريراً ينتقد حالة حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، واختراقات الإدارة الأميركية لحقوق الإنسان في باقي دول العالم؟

والحقيقة أن تساؤل صاحبنا المغرد المصري مشروع. فهو من جهة لا يرى سبباً في أن تستفز وزارة الخارجية الأميركية المصريين في عقر دارهم، ومن جهة أخرى يظن أن الدبلوماسية التي تسمح بالتعبير عن الرأي المُخالف في القاهرة، تسمح أيضاً بالرأي المُخالف في واشنطن. وأما حكاية هذا التقرير السنوي فهي حكاية!

فبعض الدول تحتفل في وسائل إعلامها بتقدمها السنوي في سلم تقرير وزارة الخارجية الأميركية وتعد الحديث بإيجابية عن حالة حقوق الإنسان في بلدها في هذا التقرير نوعاً من الانتصار المعنوي والحقوقي. وبعض الدول التي يمسّها التقرير بسوء تُعبر عن احتجاها بشكل مباشر وتتواصل مع الخارجية الأميركية لتسجيل موقف يتكرر سنوياً.

فيما تُصدر دول أخرى بياناتها الخاصة التي تحتج على ما يقوله التقرير عنها من غير أن تتواصل بشكل مباشر مع الأجهزة الأميركية. وبعض الدول تصمت، إما عدم رغبة في إثارة الموضوع، وإما تجاهلاً وعدم اهتمام. والحقيقة إنني أميل لتبني موقف الدول التي لا تُعير التقرير أي اهتمام سواءً كان يحمل محتوى إيجابياً أو محتوى سلبياً.

فإذا كان الموقف الأميركي إيجابياً من مسألة حقوق الإنسان في بلد ما، فالأولى أن تتجاهل عاصمة هذا البلد التقرير الذي يعبر عن ذلك، لأن هذا الأمر خاص بالتعقيدات الأميركية الداخلية وبسياسات واشنطن الخارجية، وبالتالي فهو لا يعني سوى المسؤولين عنه. كما أن التفاعل مع التقارير الإيجابية وشكر أميركا على ذلك يضعها وكأنها الوصي المباشر لهذه الدولة أو تلك. وأما إذا كان التقرير يحمل محتوى سلبياً عن دولة محددة، فالأولى كذلك عدم الالتفات له لأنه يعبر عن نظرة أميركا وليس نظرة كل العالم.

وبدلاً من الاحتجاج عليه وإبداء المظلومية ورفع التظلم للبيت الأبيض، على هذه الدولة أن تتبنى المعاملة بالمثل، وتنشر التقارير التي تعبر – بحسب رؤيتها ومعتقداتها - عن استيائها من معالجة أميركا لحقوق الإنسان في الداخل الأميركي وفي بقية دول العالم.

نحن نعرف أن تقارير وزارة الخارجية الأميركية السنوية المعنية بحالة حقوق الإنسان تُبنى في الأساس على قاعدتين رئيسيتين: مفارقات «التباين الثقافي والديني»، وعلاقات واشنطن الخارجية! وبالتالي فهو يعبر في حقيقته عن منتج تتشابك فيه مفردات سوء الفهم مع البروباغاندا السياسية! وأظن أن من الحكمة الدبلوماسية أن نضعه على الرف 

* كاتب سعودي