الحديث عن شخصية سياسية وقيادية بحجم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله» مهمة صعبة تتطلب الدقة والتركيز، كيف لا؟ وهو رئيسنا الذي تم انتخابه خلفاً للمغفور له، بإذن الله، تعالى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، لتعيش دولة الإمارات العربية المتحدة عهداً مزدهراً جديداً يحمل آفاقاً رحبة ومرحلة واسعة من الأمجاد والإنجازات المنتظرة، بعد مرحلتي التأسيس التي صنعها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، والتمكين التي واصلها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «رحمه الله» بكفاءة واقتدار.

ومنذ الأيام الأولى لحكم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، نثق كثيراً بقيادته ورجاحة عقله وفكره في مواصلة مسيرة المجد والازدهار، ونستبشر خيراً في ازدهار دولتنا تحت حكم سموه الذي بلا شك سيقودها إلى التميز والريادة ليجني شعبنا المزيد من الرفاهية والخير، لتبقى دولة الإمارات العربية المتحدة شامخة برايتها وقيمها ومكانتها المرموقة. لقد جسدت مبايعة حُكام الإمارات بالإجماع وشعبها الوفي لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله»، تفرد النموذج الإماراتي في كيفية الولاء والانتماء للوطن والقيادة، وهو يعكس ما أفرزته السياسة الخاصة بالشعب الإماراتي كنموذج فريد ومتكامل يحتذى به، فالعلاقة تتجاوز مفهوم الحاكم والمحكوم وتمتد إلى مفهوم الأسرة الواحدة.

يُعد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله» قائداً حكيماً واستثنائياً، فقد تتلمذ سموه في مدرسة الشيخ الوالد «زايد الخير»، واستفاد كثيراً من حكمته في الحياة، وأصبح قامة قيادية بالفطرة تمتزج فيها الاستراتيجية بالشخصية الطموحة، كونه عايش مرحلتي التأسيس والتمكين، وشارك وساهم فيهما بكل كفاءة واقتدار، وتأتي مسيرته مكملة لمراحل التنمية والنهضة والبناء التي بدأها الآباء، وتسلمها الأبناء بكل وفاء وعرفان وأمانة.

مبايعة ومكانة عالمية

إن مبايعة شعب دولة الإمارات العربية المتحدة، وتهنئة قادة العالم لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بمناسبة انتخابه رئيساً للدولة، يؤكد ثقة الشعب بالقائد لاستكمال مرحلة البناء والتقدم والازدهار بكل عزيمة واقتدار، ناهيك عن اعتراف العالم بدور ومكانة سموه كرمز وقيادي يمتلك من الذكاء السياسي الكثير، وهو ما جعل سموه ينال تقدير وإعجاب واحترام شعوب وقادة العالم. لقد تسلم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، السلطة في مرحلة تاريخية فارقة ومهمة من مسيرة الوطن الذي أصبح نموذجاً عالمياً مشرفاً، فسموه يحمل رؤية عظيمة وشخصية متميزة تؤهله لتحقيق أمجاد وإنجازات جديدة للوطن، كونه قائداً عظيماً يحمل صفات قيادية متنوعة، ويؤمن بالعمل مع روح فريق واحد.

إن مباركة سموه لوثيقة رسالة الخمسين، تؤكد استعداد دولة الإمارات لدخول الخمسين عاماً المقبلة، بروح يملؤها الفخر والثقة بالنفس، تسير في طريقها بثبات نحو المستقبل الذي لا حدود له ولا يعرف المستحيل، فمباركته ما هي إلا خريطة طريق للمستقبل، فسموه يؤكد أن «التحديات خلال العقود الخمسة الماضية كانت كبيرة، وقد انتصرنا عليها بالعزيمة والوحدة، لكن تحديات الخمسين عاماً المقبلة أكبر والمنافسة أشد، ما يتطلب منا جميعاً، شعباً وحكومة، جهداً مضاعفاً، واستعداداً واعياً للتعامل مع مستقبل سريع التغير والتحول، لأن خيارنا الوحيد دائماً هو الريادة والتميز».

لقد أثبت صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، «حفظه الله»، بأنه حامي الاتحاد وحريص على تطويره وتقويته كي يصل إلى أعلى المراتب والمكانة المرموقة، فسموه يحرص على ضرورة أن يكون «البيت متوحداً» عبر تعزيز قيم الانتماء والولاء والوفاء والتلاحم الوطني والمجتمعي أكثر فأكثر بين القيادة الرشيدة والمواطنين، وتشجيع الجميع على الإسهام بشكل أكبر في حماية الاتحاد، ودفع مسيرته المباركة قدماً خلال الخمسين عاماً المقبلة، وتحقيق مبادئ وأهداف واستراتيجية مشاريع الخمسين. وخلال كلمته الرئيسية في القمة الحكومية قبل سبع سنوات، أكد سموه أن دولة الإمارات العربية المتحدة لديها رؤية واستراتيجية شاملة محورها تنمية الموارد البشرية التي نراهن عليها لمواجهة التحديات وضمان مستقبل زاهر لخمسين سنة قادمة، ولمصلحة الأجيال، عبر بناء اقتصاد متنوع ومتين ومستدام لا يعتمد على الموارد التقليدية، بل يفتح آفاقاً واعدة تساهم في تعزيز مقومات وقدرات الدولة، واعتبر سموه حينها أن الرهان الحقيقي في الفترة القادمة هو الاستثمار في التعليم.

إنجازات لمصلحة الإنسان

يمتلك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة «حفظه الله»، سجلاً ذهبياً حافلاً بالإنجازات داخلياً وخارجياً وجميعها تصب في مصلحة الإنسان وتنميته وازدهار الوطن وتقدمه من خلال رؤية سموه الاستشرافية الطموحة القائمة على المعرفة والابتكار والاستثمار في الإنسان، باعتباره الثروة الحقيقية التي لا تنضب، ومع سموه تبدأ دولة الإمارات، حقبة جديدة من الإنجازات لبناء مستقبل مستدام في مسيرة النهضة والتقدم والازدهار، وتحت قيادته الحالية والمستقبلية المليئة بالقيم والمبادئ، تتهيأ دولة الإمارات للمضي بكل ثقة نحو المستقبل المنشود والمرتبط بطموحاته القيادية فالقادم يحمل تباشير فرح وخير وتفاؤل لملامح أكثر إشراقاً وعزة وآفاق تعزز من مكانة الدولة إقليمياً وعربياً وعالمياً.

لقد كان محقاً صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي «رعاه الله»، عندما قال في كتابه «ومضات من فكر»: «إن القيادة فكر ودهاء وحكمة وقوة شخصية وتطلع دائم لمعالي الأمور، وأغلب هذه الصفات يولد بها الإنسان ويرثها من آبائه وأجداده، ويمكن أيضاً تعلم بعضها»، وهذا ما ينطبق بالفعل على فكر وقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، «حفظه الله»، الذي وجه كلمة حكيمة وشاملة تحمل كل معاني السمو والثقة والتفرد، إلى أبنائه وإخوانه شعب دولة الإمارات العربية المتحدة والمقيمين على أرضها كأول خطاب شامل له منذ توليه الرئاسة في 14 مايو الماضي، تضمن فيها منهج دولة الإمارات على مختلف الأصعدة برؤية واضحة المعالم تمتزج فيها أمجاد الماضي بإنجازات الحاضر وتطلعات المستقبل لترسم ملامح إنسانية غاية في الروعة تعزز الثقة وتغرس التفاؤل وتؤجج المشاعر والهمم في كل أنسان يعيش على أرض الإمارات الطاهرة من دون استثناء.

نقاط محملة بالوفاء

لقد تابع العالم بأسره خطاب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، «حفظه الله»، كما يتابع ما يحدث في دولة الإمارات من نهضة إنسانية وعمرانية واقتصادية وعلمية وأدبية شاملة، بكل تقدير وإعجاب واحترام، وأبرز خطاب سموه، العديد من النقاط الجوهرية المحملة بالقيم والوفاء لمؤسس دولة الإمارات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ورئيسها الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «رحمه الله».

وأكد سموه بحنكة السياسي والقائد «أن شعب دولة الإمارات محور اهتمام دولتنا المباركة وعلى قمة أولوياتها منذ نشأتها»، وسيظل منهج «سعادة المواطن ورعايته الأساس في كل خططنا نحو المستقبل، حيث قال: «مسؤوليتنا تأمين مستقبل مشرق لأجيال الحاضر والمستقبل.. هدفنا الأول والأخير هو الإمارات وشعبها». في قراءة متأنية ودقيقة للسياسة الخارجية الإماراتية، نجدها سياسة متوازنة، ولها محددات لا تخرج عنها في إطار العمل الخليجي والعربي المشترك، لذلك عكست كلمة سموه ملامح السياسة الخارجية للدولة وأن تطوير فهم السياسة الخارجية يُعد نشاطاً مهماً يماثل في أهميته أهمية السياسة الخارجية ذاتها، وأوضح سموه «أن سياسة دولة الإمارات ستظل داعمة للسلام والاستقرار في منطقتنا والعالم.. وعوناً للشقيق والصديق.. داعياً إلى الحكمة والتعاون من أجل خير البشرية وتقدمها».

وهو النهج الراسخ في تعزيز جسور الشراكة والحوار والعلاقات الفاعلة والمتوازنة القائمة على الثقة والمصداقية والاحترام المتبادل مع دول العالم لتحقيق الاستقرار والازدهار للجميع. ففي الوقت الذي حذر سموه من أن «سيادة دولة الإمارات وأمنها مبدأ أساسي لا يمكن التنازل عنه أو التهاون فيه»، نوه سموه قائلاً: «نمد يد الصداقة إلى كل دول المنطقة والعالم التي تشاركنا قيم التعايش والاحترام المتبادل لتحقيق التقدم والازدهار للجميع»، متعهداً بالاستمرار على نهج زايد والمؤسسين رحمهم الله جميعاً، قائلا: «نستلهم منهم الدروس والعبر في القيادة والإرادة.. وسيبقى تاريخنا وهويتنا وموروثنا الثقافي جزءاً أساسياً في خططنا إلى المستقبل».

قائد يعتز بشعبه

وتزداد قوة كلمة سموه في كلمات تعبر عن حجم وعمق واعتزاز القائد بشعبه، حيث قال: «نحن محظوظون بهذا الشعب العزيز.. شعب أثبت قبل الاتحاد وبعده وفي كل المراحل الصعبة التي مرت بنا.. أصالته وصلابته وإرادته القوية وقدرته على تجاوز التحديات»، وأضاف سموه: «اعتزازنا وفخرنا بالإنسان الإماراتي لا حدود له»، فالتنمية البشرية وبناء الإنسان في مقدمة استراتيجيات العمل الوطني، ولم يستثني سموه المقيمين على أرض الدولة، بل أشاد بهم باعتبارهم شركاء تنمية الوطن، حيث ثمن دورهم وإسهاماتهم المستمرة في البناء والتطوير منذ قيام دولة الإمارات»، وهو ما يكشف نية القيادة الرشيدة على أنه لا توجد أي فوارق بين المقيمين على أرض دولة الإمارات الذين تجمعهم الإنسانية ولا يفرقهم لون أو لغة أو ثقافة أو عرق أو عقيدة.

السلام والتقارب

لقد أثبتت دولة الإمارات أنها ترسخ مفاهيم عالمية جديدة في مبادئ السلام وبناء الشراكات والحوار المفضي للتقارب البشري وهذا ما نجده في كلمة سموه الإنسانية بقوله: «وعلى نهج زايد الخير، سنعمل على تعزيز دورنا ضمن الدول الرائدة عالمياً في تقديم المساعدات التنموية والإنسانية والعمل الخيري، والاستمرار في مد يد العون إلى المجتمعات في جميع أنحاء العالم دون النظر إلى دين أو عرق أو لون»، مبيناً أن «سياسة دولة الإمارات ستظل داعمة للسلام والاستقرار في منطقتنا والعالم وعوناً للشقيق والصديق وداعية إلى الحكمة والتعاون من أجل خير البشرية وتقدمها.

ومن عقليته المنفتحة في الفكر السياسي العالمي، دعا سموه في كلمته إلى الاستمرار «في بذل أقصى طاقاتنا وجهدنا لتحقيق المزيد.. فمسؤوليتنا كما يقول سموه «تأمين مستقبل مشرق لأجيال الحاضر والمستقبل، وتحقيق هذا الهدف يعتمد على العمل والجهد الذي نقدمه اليوم»، كون «الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وضع أساسات صلبة لهذا الوطن». واختتم سموه كلمته، برؤية مشرقة يملؤها التفاؤل، قائلا: «أملنا بالله كبير وثقتنا بمستقبل أفضل لوطننا وشعبنا ومسيرتنا المباركة.. ندعو الله تعالى أن يوفقنا ويعيننا.. وعليه نتوكل.. وحفظ الله بلادنا بالعز والأمان والخير».

ليس غريباً أن يُجمع الساسة والأكاديميون العرب والأجانب أن كلمة سموه رسمت معالم خريطة متكاملة بها من مبادئ وقيم السياسة الخارجية لدولة الإمارات في المرحلة المقبلة، ما يعزز من مكانة العرب الاستراتيجية عالمياً، ويسهم في دعم دورهم في صناعة القرار العالمي لكل ما يخص المنطقة وقضاياها بالإضافة إلى الملفات الدولية.

مفاهيم الحكم الرشيد

وتبرز كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، «حفظه الله»، التزام بالتعاون السياسي مع المحيط الإقليمي والعالم الخارجي كون دولة الإمارات تركز في استراتيجيتها المستقبلية على الحلول الدبلوماسية والقوة الناعمة، لتعزيز مصالحها الاقتصادية وشراكاتها التجارية، كما أن العزيمة التي يرسخها رئيس الدولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان «حفظه الله»، لأبناء الدولة، وللمقيمين، تقدم دروساً مستفادة لدول المنطقة والعالم، حول مفاهيم الحكم الرشيد، وكيف يكون أثر الإبداع على كافة نواحي الحياة.

لقد رسخت دولة الإمارات قولاً وفعلاً مكانتها وسمعتها العالمية، وأصبحت اليوم وجهة عالمية متعددة الأوجه والجوانب، وتمضي بزهو نحو بناء اقتصاد عالمي نموذجي يحظى بتقدير وإعجاب واحترام الجميع، كما أن دور الإمارات الخارجي إيجابي وفعال ويعزز مكانة العرب دولياً، ويسهم في حل النزاعات وإرساء قواعد السلم والأمن الدوليين، ومساعدة الدول على حل خلافاتها، ونشر السلام.

*كاتب إماراتي