على مدى ثمانية عشر عاماً حكم فيها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، دولة الإمارات وقاد فيها مرحلة التمكين بحنكة واقتدار، كان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، السند والعضد للفقيد الراحل، يعمل بإخلاص وتفانٍ تحت مشورته وتوجيهاته، وفي صمت وإنكار للذات نادرين، وإن كانت بصماته في ولاية عهد أبوظبي أولاً، وعلى الصعيد الخارجي، لا تخفى على أحد.

منذ عام 2008، كان يستوقف المارين أمام ديوان ولي عهد أبوظبي، عملٌ فنيٌّ ضخم، تتمهل العيون أمام حضوره الآسر، مُتطلعة إلى تسع منحوتات لكلّ منها جماليتها وشخصيتها الخاصة، متسائلة عن مدلولاتها، قبل أن تُفصح القطع المتجاورة عن حقيقة أنها معاً تشكل كلمة Tolerance، أي «التسامح».

لم يكن شكل الرسالة هنا بأقل أهميةً من مضمونها، فلئن كان وضع «التسامح» على قائمة الأولويات هدفاً، فإن اختيار الفن في أرقى صوره حاملاً ووسيطاً، يعكس طرفاً من شخصية محمد بن زايد الذي كان يشغل آنذاك منصب ولي العهد. وإذا كانت دولة الإمارات تُعرف الآن بأنها بلد التسامح، فإن هذا العمل الفني يشير إلى أن التركيز على قيمة التسامح ليس وليد اليوم، بل كان يتخذ مكانه ضمن رؤية قائد فذ، يعرف جيداً ما يهدف إليه، ويعرف كذلك كيف ينفذه بأكمل ما يكون التنفيذ.

أن يكون محمد بن زايد رئيساً لدولتك، يعني أن تطمئن إلى حاضرك ومستقبلك، وأن توقن بأن العالم بأسره ينظر إليك بتقدير واحترام مُستمديْن من نظرته إلى سموه، وما يحظى به من تقدير لمناقبه قائداً وإنساناً.

أن يكون محمد بن زايد رئيساً لدولتك، يعني أنك في بلد يُعظِّم كل يوم من مكانته التي حفرها في صخر الواقع العالمي العاصف، وأن العالم يترقب في كل تفاعلاته وقضاياه الكبرى، سياسية كانت أو اقتصادية، وحرباً كانت أو سلماً، ما سيقوله محمد بن زايد، وما سيكون عليه موقف دولة الإمارات، انطلاقاً مما تمتلكه من أدوات قوة بنتها بوعي على أسس راسخة.

أن يكون محمد بن زايد رئيساً لدولتك، يعني أن تفوقك وتفوق بلدك لا يعودان فقط إلى النجاح الاقتصادي والرخاء والقوة السياسية والعسكرية، بل يعودان بالقدر نفسه إلى التفوق الأخلاقي، والإعلاء من شأن الأخلاق في الفكر والممارسة. وليس مصادفة أن يكون صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد هو من وقف وراء إدراج «التربية الأخلاقية» في المناهج الدراسية، لتعزز ذلك البعد الذي كان على الدوام جزءاً من نسيج الشخصية الإماراتية.

أن يكون محمد بن زايد رئيساً لدولتك، يعني أن بلدك يمتلك من القوتين الصلبة والناعمة ما يضمن لك الحفاظ على مصالحك، وأن بلدك قادر على نشر الاستقرار في محيطه، ومد يد العون إلى الإخوة والأشقاء في الوقت الحاسم، فحين آتى مخطط «الفوضى الخلاقة» ثمارَه اضطراباً وفوضى وانقسامات مريرة وأزمات سياسية واقتصادية طاحنة في دول عربية شقيقة، كان «البيت متوحد» في دولة الإمارات، وطيد الأركان، وكان محمد بن زايد هو من تصدى لمهمة استعادة الاستقرار وإخماد الفتنة ومساعدة الأشقاء على احتواء آثارها. لقد زلزلت جائحة «كوفيد- 19» العالم قبل نحو عامين ونصف، وواجهت كثير من دول العالم الغنية والقوية والمتطورة كوارث حقيقية، لكن محمد بن زايد كان من قاد المواجهة ضد الجائحة في الإمارات.كان كل شخص في الدولة يُدرك تماماً أنها تتخذ أفضل الإجراءات الوقائية، وتوفر أفضل فرص العلاج والرعاية الصحية، وتتعامل من خلال خطط مُحكمة للطوارئ مع كل الصعوبات والتحديات، ولم تواجه لحظة واحدة نقصاً في الإمدادات الغذائية أو الطبية، بل إن جهود سموه لم تقتصر على دولة الإمارات فحسب، بل امتدت لكثير من دول العالم في لفتة إنسانية بالغة الدلالات، كان لها وقعها الجميل في مختلف دول العالم حكومات وشعوباً.

 نشبت الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وازدحمت وسائل الإعلام العالمية وكلمات القادة وتحليلات المنظِّرين بالحديث عن الأزمات الاقتصادية والجوع ونقص إمدادات الطاقة والغذاء وتفاقمت الصعوبات في شرق العالم وغربه، وبقي ذلك بالنسبة إلى من يعيشون في دولة الإمارات مجرد حديث يدور على الشاشات، ولم يكن هناك أدنى تأثير على الأمن الغذائي أو الرخاء الاقتصادي، وما كان هذا الاطمئنان ليستقر في قلوبهم لولا عبارة قالها سموه في بداية انتشار جائحة كورونا، ولا يزال صداها يتردد في آذانهم، عبارة لامست مشاعر الجميع قبل أسماعهم: «لا تشيلون هم» التي أصبحت دستوراً آمن به الجميع، والتفوا حوله واثقين مطمئنين.

أن يكون رئيسك محمد بن زايد يعني أن الله تعالى قد اختصك بفضله وكريم عطائه. ومما يملأ المرء اطمئناناً وتفاؤلاً، أن كل من يعيش على هذه الأرض الطيبة يُدرك هذه النعمة، ويؤدي واجب شكرها انتماءً وولاءً والتفافاً حول قائدها، بل إن مئات الملايين حول العالم، يُدركون بدورهم هذه الحقيقة، ويعرفون ما يعنيه أن يكون قائد مثل محمد بن زايد رئيساً لدولة الإمارات.

* كاتب إماراتي