تكدَّس اللاجئون الأوكرانيون في قطارات متجهة إلى بولندا، وأمضى آخرون الليل في طريقهم إلى رومانيا أو دفعوا عربات أطفالهم في اتجاه سلوفاكيا لينعموا بالأمان، إذ أدت العملية العسكرية الروسية واسعة النطاق في بلادهم إلى فرار ملايين الأوكرانيين إلى دول الاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من الأعداد الكبيرة، استجابت القارة بسرعة - وكرم – يتناقض بشكل حاد مع استجابتها للتدفقات الأخيرة الأخرى. في الأسبوع الأول من الحرب، هرب ما يقرب من مليون شخص، معظمهم من النساء والأطفال، إلى الاتحاد الأوروبي، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ذهب معظمهم إلى البلدان المجاورة.

في بولندا، وصل 547 ألف أوكراني في أسبوع واحد فقط. وهرع المتطوعون إلى الحدود كي يقدمون لهم الطعام والمأوى والدعم. وخلال الفترة ذاتها استقبلت المجر، التي شيدت سياجاً من الأسلاك الشائكة خلال أزمة الهجرة الأخيرة، 133 ألف أوكراني. في 3 مارس2022، أعلن الاتحاد الأوروبي عن سَن توجيه الحماية المؤقتة، الذي يمنح هؤلاء الرجال والنساء والأطفال الحق في العيش والعمل والحصول على الخدمات الاجتماعية في الكتلة الأوروبية لمدة عام على الأقل، وربما أكثر، على الرغم من أن الموجات السابقة من الوافدين الجدد، بما في ذلك هؤلاء القادمون من الشرق الأوسط وأفريقيا في عام 2015، لم يتم منحهم نفس الحماية. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين: «كل الفارين من فلاديمير بوتين مرحب بهم في أوروبا. سنوفر الحماية لأولئك الذين يبحثون عن مأوى، وسنساعد أولئك الذين يبحثون عن طريق آمن إلى المنزل».

وبعد أربعة أشهر من الهجوم الروسي، تم تسجيل 5.2 مليون لاجئ من أوكرانيا في جميع أنحاء أوروبا، وهي واحدة من أكبر عمليات النزوح الجماعي منذ الحرب العالمية الثانية. وبحلول منتصف يونيو تم منح 3.2 مليون حماية مؤقتة في الاتحاد الأوروبي. لا تقدم البيانات الأخيرة صورة كاملة عن مكان وجود اللاجئين، لأن بعضهم لم يسجل لدى السلطات الوطنية، أو لم تتم الموافقة عليه بعد. بعض الأشخاص الذين بدأوا في بلد ما قد يكونون الآن في بلد آخر.، بينما عاد البعض الآخر إلى أوكرانيا.

لكن الأرقام تعطي فكرة عن المكان الذي يخطط النازحون للبقاء فيه خلال المرحلة الحالية. كما في الأيام الأولى للحرب، اختار معظم الناس البقاء بالقرب من منازلهم في دول وسط وشرق أوروبا. من المرجح أن تشكل هذه القرارات مناقشات الاتحاد الأوروبي المستقبلية حول الهجرة، حيث تسعى بعض البلدان إلى مزيد من التمويل والدعم للخدمات، بما في ذلك المدارس. وتستضيف أوروبا الوسطى والشرقية نسبة غير متناسبة من الوافدين الجدد مقارنة بأوروبا الغربية الغنية نسبيا.

في جمهورية التشيك، يمثل الآن المسجلون للحصول على الحماية المؤقتة 3.5 بالمئة من السكان. وقبل سبع سنوات، واجهت أوروبا موجة أخرى من الوافدين الجدد شملت السوريين الفارين من حرب وحشية، بالإضافة إلى لاجئين ومهاجرين من جنوب آسيا والشرق الأوسط وأماكن أخرى. لا توجد طريقة دقيقة لمقارنة ما حدث في عامي 2015 و2016 بما يحدث الآن، لأنه لم يتم استخدام الحماية المؤقتة في الاتحاد الأوروبي من قبل.

ومع ذلك، فإن أعداد اللاجئين وطالبي اللجوء تدل على أن هذه الموجة أكبر وأسرع. كانت بولندا مترددة في قبول اللاجئين خلال الأزمة الأخيرة، لكنها استقبلت بالفعل 1.18 مليون شخص غادروا أوكرانيا. واستقبلت ألمانيا، وهي واحدة من أكثر الدول استقبالاً للاجئين في المرة الأخيرة، 780 ألف لاجئ من أوكرانيا حتى الآن، ما يمثل 40 بالمئة من عدد اللاجئين وطالبي اللجوء الذين استقبلتهم في عامي 2015 و2016 مجتمعين.

ولا تزال آثار الهجرة الجماعية السابقة محسوسة في أوروبا. بعد الترحيب الحار في البداية من ألمانيا، مع وعد المستشارة آنذاك، أنجيلا ميركل، قائلةً: «يمكننا القيام بذلك!» قررت أنها لن تفعل ذلك. ومنذ ذلك الحين، غذت ردود الفعل اليمينية المتطرفة الجهود لمنع استقبال طالبي اللجوء. ولم تثر أوروبا إجراءات الحماية المؤقتة قبل سبع سنوات، مما ترك الكثيرين في طي النسيان لسنوات أثناء تقييم حالات اللجوء الخاصة بهم. ومع استمرار الحرب، من المحتمل أن تصبح الأسئلة حول كيفية مشاركة الكتلة في تكلفة دعم الوافدين الجدد أكثر تعقيداً.

قال مارجريتيس شيناس، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، لصحيفة واشنطن بوست الشهر الماضي: إنه يتوقع بقاء «ما لا يقل عن 2.5 مليون إلى 3 ملايين» لاجئ أوكراني في الكتلة الأوروبية. وما سيحدث بعد ذلك سيتم مراقبته عن كثب بحثاً عن أفكار حول كيفية التعامل مع النزوح على نطاق واسع. وقالت شابيا مانتو، المتحدثة باسم المفوضية، إن الدرس المستفاد حتى الآن: «إذا استطعنا فعل ذلك مع ملايين اللاجئين الذين يفرون في فترة قصيرة من الوقت، فيمكن القيام بذلك في مكان آخر». وتفيد المصادر أنه تم الإبلاغ عن بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بشأن الحماية المؤقتة في الفترة من 5 إلى 15 يونيو. ونظراً لعدم توفر أرقام رسمية للاجئين إلى دول بولندا والمجر واليونان، فإن أعدادهم في هذه البلدان هو تقدير محسوب بمجموع التسجيلات للحماية المؤقتة وعدد طلبات اللجوء المقدمة من اللاجئين من أوكرانيا.

إميلي روهالا*

*مديرة مكتب واشنطن بوست في  بروكسل، تغطي شؤون الاتحاد الأوروبي والناتو.

جوليا ليدور**

**صحفية تغطي الأخبار الخارجية لصحيفة واشنطن بوست. 

كوينتين أرييس***

****مراسل مقيم في بروكسل ومساهم منتظم بصحيفة واشنطن بوست. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»