لم يكن القرار الذي أصدره صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، بشأن معاملة أبناء المواطنات الإماراتيات المقيمين في الدولة المعاملةَ ذاتها المقررة للمواطنين في قطاعَي التعليم والصحة غريباً ولا مفاجئاً، فاهتمام سموّه منصبٌّ دائماً على المجتمع الإماراتي بجميع شرائحه، وأولويات سموّه موجَّهة باستمرار إلى احتياجات المواطن الإماراتي وشواغله، وأبناء الإمارات وبناتها هم في نظر سموّه الثاقب العنصر الأساس في المسيرة الشاملة للدولة في طريقها نحو الريادة والتقدّم.

ويعبِّر هذا القرار عن النظرة الأبوية التي ينظر بها سموّه إلى جميع المواطنين والمواطنات وأبنائهم، وحرصه البالغ على دعم الأسرة، بوصفها العنصر الأهم في المجتمع الإماراتي، واهتمامه بتعزيز استقرارها بما يقوّي لُحمة المجتمع ويزيده تماسكاً وتعاضداً، ويثري مخزونه البشري. كما يعكس هذا القرار الدينامية الكبيرة التي يتحلّى بها صنّاع القرار وواضعو السياسات في الدولة، الذين يحرصون على أن تكون تشريعاتنا وقوانيننا مواكبة للتطوّرات والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها الدولة والعالم بشكل أعمَّ. وبتركيز هذا القرار على التعليم والصحة، فإنه يزيح عن كاهل الأم الإماراتية المتزوجة من أجنبي أهم عبأين لدى جميع الآباء والأمهات، ألا وهما توفير الدراسة الجيدة والرعاية الطبية المناسبة لأبنائهم.

فإتاحة وصول أبناء المواطنات إلى المدارس والمعاهد والجامعات الحكومية ذات المستوى العالي، يفتح لهم مستقبلاً حافلاً بالفرص الواعدة، والخيارات غير المحدودة ليصبحوا من صفوة هذا المجتمع، ويتولّوا أدواراً قيادية وريادية في مختلف القطاعات الإنتاجية. ثم إن تمكين أبناء المواطنات من الاستفادة من الخدمات الطبية المتقدمة التي تزخر بها مستشفيات الدولة يحقّق لهم الأمن الصحي والنفسي، ويقوي إحساسهم بالانتماء والولاء لهذه الدولة.

ولا شك في أن هذا القرار، الذي أدخل البهجةَ إلى قلوب الأمهات المواطنات، سيمنح أبناءهن الحافز ليكونوا على قدر الثقة، ويشحذوا هممهم وقدراتهم للإسهام في بناء مستقبل الإمارات الباهر، فأن يكون المرء من أبناء الإمارات ليس مجرّد امتيازات وحقوق فقط، بل هو التزام وعطاء وانتماء وإخلاص ووفاء أيضاً. إن دولة الإمارات لم تُغفل قطّ هذه الفئة من أبناء الإماراتيات، بل سعت دائماً إلى تحسين أوضاعهم وحلّ مشكلاتهم، فمنحتهم الكثير من الاستثناءات والإعفاءات، ووضعت لهم قانوناً منظّماً يتيح حصولهم على الجنسية الإماراتية.

وبالفعل أتاح هذا القانون وغيره من المراسيم والقرارات تجنيس نحو 4000 من أبناء المواطنات وبناتهن. غير أن القرار الجديد الذي أصدره صاحب السمو رئيس الدولة، بعد فترة وجيزة من انتخابه بالإجماع من قبل إخوانه أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، يمثّل أعظم خطوة نحو تسوية ملف أبناء المواطنات، وعلامة واضحة على اهتمام سموّه بهذه الفئة من عيال الإمارات، وإشارة إلى أنَّ القادم أفضل.

*عن نشرة«أخبار الساعة»الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.