الأسلحة النووية لم تُستخدم حتى الآن في حرب أوكرانيا، لكن روسيا لم تستبعد هذا الاحتمال بعد. وقد تعرّضت محطات الطاقة النووية في أوكرانيا، بما في ذلك المفاعلات المعطلة في تشيرنوبيل، لبعض الهجمات العسكرية، لكن حتى الآن، لم يحدث تسرب خطير للإشعاع. ومع استمرار الحرب، تشعر الدول المجاورة لأوكرانيا بقلق متزايد من نوايا روسيا طويلة الأمد والتهديد الذي يمكن أن تشكله على أمنها.

فقد تخلت السويد وفنلندا عن سنوات من الحياد، لتنضما إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو). وليتوانيا ولاتفيا وإستونيا، جميعها أعضاء في الحلف لكنها معرّضة بشكل استثنائي للتهديدات العسكرية، وقد لا تنجو ما لم يتدخل حلفاؤها الرئيسيون لإنقاذها.

وفي مناطق أخرى من العالم، أدت تداعيات العملية العسكرية الروسية إلى زيادة المخاوف من احتمال أن تفكر الصين في القيام بتدخل عسكري في تايوان، واحتمال أن تتجاسر كوريا الشمالية على اتخاذ إجراءات أكثر عدوانيةً ضد كوريا الجنوبية، وأن تكثف إيران جهودَها في تطوير سلاح نووي. وأوروبا والولايات المتحدة والشرق الأوسط وجنوب آسيا لا تجد مفراً من تعزيز إنفاقها الدفاعي، والقوى النووية الحالية ستواصل تحديث قواتها.

ومن عواقب الأوقات التي تحيطها الشكوك أن تصبح الدول الأكثر عرضةً لمخاطر من جاراتها الأقوى أكثر استعداداً للانضمام إلى التحالفات العسكرية مثل «الناتو» أو أكثر استعداداً لاسترضاء أعدائها وتعلّم كيفية التعايش مع العواقب. لكن ربما يكون هناك خيار ثالث يتمثل في إعادة النظر في تعزيز قدراتها العسكرية، مما قد يشمل قراراً بتطوير أسلحة دمار شامل، قد تتضمن أسلحة نووية. ولبحث هذا الخيار الأخير، ستحتاج هذه الدول إلى المال والأصدقاء والمعرفة الفنية لتنفيذ مثل هذا البرنامج. خلال الحرب الباردة، طوّرت بعض الدول التكنولوجيا التي كان من الممكن أن تنتج أسلحةً نوويةً.

وشملت هذه القائمة أستراليا وكوريا الجنوبية وتايوان والسويد وجنوب أفريقيا والبرازيل والأرجنتين والعراق. وكان لدى ليبيا أيضاً برنامج نووي لم يكتمل تطويره. وكان بوسع أوكرانيا وكازاخستان وبيلاروسيا الحصول على أسلحة نووية حين كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي، لكنها تخلت عنها في نهاية المطاف مقابل ضمانات أمنية.

ويأسف كثير من الأوكرانيين على هذا القرار. وتتذكر بعض دول أن الزعيم الليبي السابق معمر القذافي وافق على تسليم برامج أسلحته إلى الولايات المتحدة وبريطانيا فأطاح به شعبه في انتفاضة دعمها «الناتو».

والعبرة في حالة أوكرانيا وليبيا هي أنه من غير الحكمة التخلي عن مثل هذه الأسلحة في وقت مازال لديك فيه أعداء أقوياء ربما يتربصون بك.

ولا شك في أنه درس سيكون على النظام الإيراني الاعتبار منه إذا قرر الموافقةَ على إيقاف برنامج أسلحته المتقدم. والضغط الأميركي هو الذي أقنع تايوان وكوريا الجنوبية بإنهاء برامجهما النووية. لكن نظراً للشكوك حول مستقبل الوجود الأميركي في شرق آسيا، والقوة المتنامية للصين وتصميمها على منع تايوان من إعلان الاستقلال، ودعمها المستمر لكوريا الشمالية التي لديها برنامج نووي متطور.. فربما لا مفر أمام كوريا الجنوبية واليابان من التطلع إلى خيار نووي إذا تواصل تصاعد التهديدات في المنطقة. وهناك بالفعل تسع دول لديها قدرات أسلحة نووية متقدمة، بما في ذلك إسرائيل التي لم تعترف قط رسمياً ببرنامجها النووي. وما لم تنته الحرب في أوكرانيا ويتم الاتفاق على نظام أمني شامل جديد يشمل روسيا، فسيظهر المزيد من الدول التي تمتلك أسلحة نووية، مما يعني نهاية نظام منع انتشار الأسلحة النووية.

واستخدام روسيا لأسلحة نووية تكتيكية، وإعلان إيران نفسها كدولة تمتلك أسلحة نووية، كل هذا قد يكون من الدوافع الآنية لحدوث مزيد من الانتشار للأسلحة النووية في العالم. وحينذاك سيتعين على دول الشرق الأوسط الأخرى، إعادة النظر في سياساتها النووية. وكل هذا لن يؤدي إلى عالم أكثر استقراراً.

*مدير البرامج الاستراتيجية بمركز «ناشيونال انترست»- واشنطن