تنشغل المنطقة العربية في تنسيق الرؤى المشتركة وتوحيد المواقف استعداداً لقمة جدة المرتقبة منتصف شهر يوليو المقبل، والتي سيحضرها الرئيس الأميركي جو بايدن في أول زيارة له إلى منطقة الشرق الأوسط منذ توليه السلطة، وبحضور دول الخليج ومصر والأردن والعراق، في قمة مهمة اتحدت بها رؤية القادة العرب نحو تشكيل تحالفات وتكتلات سياسية وأمنية واقتصادية في مواجهة تحديات المنطقة.

القمة فرضتها ظروف الأزمة الأوكرانية وملفات الطاقة والأمن الغذائي، والاستعداد لليوم الأول ما بعد الاتفاق النووي حال استكماله، بينما يحضر الرئيس بايدن القمة على أمل الخروج بنتائج ترمم العلاقات الأميركية الخليجية العربية، في ظل ارتفاع أسعار الطاقة وانتخابات نصفية قادمة في الولايات المتحدة في زيارة جاءت متأخرة للمنطقة.

ستتضمن الجولة الأميركية إلى المنطقة زيارتين إلى إسرائيل والضفة الغربية، ثم إلى السعودية لحضور قمة جدة، المتوقع أن تؤسس لتفاهمات جديدة بين الدول المحورية العربية والولايات المتحدة، تحديداً بشأن الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية، والتي كان محور انطلاقتها اللقاء الذي جمع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مارس الماضي في الرباط، والذي اتسم بالشفافية قدمت به الولايات المتحدة تفهمها واعتذارها على عدم فعالية ردة فعلها بعد الهجمات «الحوثية» الإرهابية التي استهدفت منشآت مدنية في السعودية والإمارات، ما جعل محور الاعتدال العربي وعلى رأسهم الإمارات والسعودية إلى انتهاج استراتيجيات جديدة، وفتح قنوات التواصل مع إيران بشكل مباشر لحماية أمنها الوطني.

وعليه، ستركز قمة جدة على ملفات الاتفاق النووي والتدخلات الإقليمية في المنطقة، وتعزيز الجهود لإنهاء الصراع في اليمن. تتزامن الزيارة الأميركية إلى إسرائيل والضفة الغربية مع انتقال السلطة، من رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى يائير لابيد بشكل مؤقت، والذي سيحافظ على حقيبة الخارجية، ما يعني مواجهة حكومة جديدة مؤقتة وأجواء انتخابات مبكرة في إسرائيل، سيكون أكثر المتفائلين بها حزب الليكود الذي يقوده نتنياهو.

وعليه، من غير المعروف ماهية النتائج المتوقعة وإن كانت ستدفع بعملية السلام إلى مرحلة متقدمة في ظل المتغيرات، وإن كانت واشنطن تملك حلولاً فعلية لحل الدولتين أم أن الزيارة رمزية، وهل تؤثر الخلافات داخل الكنيست من حزب اليمين على تمرير قانون المستوطنات، بالإضافة إلى الانقسام المزمن بين السلطة الفلسطينية المتمثلة بحركة «فتح»، وحركة «حماس» المدعومة من إيران على مخرجات الزيارة الأميركية، والدفع بحل الدولتين إلى مسار واضح.

التحدي الذي ستواجهه الولايات المتحدة هو إرث عهد أوباما الذي كان الرئيس بايدن نائباً له، حينها سارعت إدارة أوباما إلى استكمال الاتفاق النووي لعام 2015، وجعلت ما يسمى بمشروع «الربيع العربي» أولوية على حساب عملية السلام في المنطقة، إلا أنه في النهاية تبقى أميركا تاريخياً دولة صديقة للعرب، ولا شك أن قمة جدة القادمة هي فرصة قيمة لإعادة العلاقات لمساراتها الطبيعية.

* إعلامية وكاتبة بحرينية.