جاء تَصدُّرُ دولة الإمارات دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الترتيب العام لتقرير مؤشر الأداء البيئي (Environmental Performance Index) للعام 2022، ليلقي الضوء مرة أخرى على الاهتمام الذي توليه القيادة الرشيدة للبيئة الطبيعية، كونها أحد أهم محددات مستوى ونوعية الحياة، وركيزة أساسية من ركائز تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وكان قد تم تطوير هذا المؤشر من قبل مركز القانون والسياسات البيئية بجامعة ييل الأميركية، بالتعاون مع الشبكة الدولية لعلوم الأرض بجامعة كولومبيا، والمنتدى الاقتصادي الدولي، ومركز الأبحاث المشتركة التابع للمفوضية الأوروبية. وذلك بهدف تقييم الاستدامة البيئية في دولة ما، مقارنة ببقية الدول، من خلال قياس مؤشرات الأداء ونوعية المخرجات، سعياً نحو الخروج بمقاييس كمية ورقمية لمستوى فعالية السياسات البيئية في هذه الدولة.
وجاءت الإمارات في المركز الأول عالمياً في 6 مؤشرات، من بين 40 مؤشراً يتضمنها التقرير، وهي: المحميات البحرية، خدمات النظام البيئي، وتراجع انحسار الأراضي الرطبة، وتراجع الاعتماد على الوقود الصلب المنزلي، وانخفاض معدل نمو الكربون الأسود، وقلة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الغطاء الأرضي. كما حلت الدولة بالمركز الأول إقليمياً، والثالث عالمياً، في مؤشر حيوية النظام البيئي، متقدمةً بذلك على ألمانيا، ولوكسمبورغ، وفرنسا، والمملكة المتحدة، والدانمارك، والسويد، وهولندا. كما جاءت الإمارات أيضاً في المركز الأول إقليمياً في مؤشر التنوع البيولوجي والمناطق الطبيعية، ومؤشر معالجة مياه الصرف الصحي، الذي حلت فيه بالمركز الثالث عشر عالمياً، متقدمةً بذلك على دول مثل: إسبانيا، وفرنسا، واليابان، وكندا والنرويج، كما تصدرت الإمارات الدول العربية في مؤشر قلة الصرف الصحي غير الآمن.
ويأتي تربع دولة الإمارات في المركز الأول عالمياً في مؤشرات الأداء البيئي، كنتيجة للجهود الحثيثة في هذا القطاع الحيوي على مدار السنوات الماضية، مما وضعها في مكانة مرموقة بين الدول الأكثر قدرة على استشراف المستقبل، ومواجهة التحديات وتحقيق الإنجازات المتفردة، ضمن محاور خطة تنموية شاملة. وجاء هذا النجاح الإماراتي على الصعيد البيئي، في وقت تشير فيه تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 13 مليون شخص حول العالم، يلقون حتفهم سنوياً، بسبب عوامل بيئية كان من الممكن تجنبها، بما في ذلك الأزمة المناخية التي تصنفها المنظمة الدولية كأكبر خطر صحي يواجه البشر حالياً، إذ ستنتج عنها أزمة صحية عالمية بكل المقاييس. كما أن أكثر من 90% من سكان الكوكب يستنشقون في الوقت الحالي هواءً ملوثاً بعوادم حرق الوقود الأحفوري، بينما سيتسبب الارتفاع في متوسط درجات حرارة المناخ في زيادة انتشار البعوض الناقل للأمراض. أضف إلى ذلك الحوادثَ المناخيةَ العنيفةَ، من أعاصير وفيضانات وموجات حر وجفاف، وتدهور التربة الزراعية، وندرة مصادر المياه الصالحة للشرب والزراعة.

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية