المشكلات التي ينطوي عليها عقد «ثابت السعر» لشراء طائرتين رئاسيتين جديدتين لم تقتصر على التسبب في خسائر تراكمية بقيمة 1.5 مليار دولار حتى الآن لشركة بوينج. بل تسبب العقد الذي كان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قد طلب من شركة بوينج التوقيع عليه، في مشكلات لسلاح الجو الأميركي أيضا. وبموجب اتفاق السعر الثابت، فما يحفز الشركة هو «الانتهاء من التكاليف وتقليصها إلى أقل حد». بينما يريد البنتاغون، على حد قول «أندرو هانتر»، المسؤول الكبير في مهام شراء عتاد سلاح الجو الأميركي، في مقابلة، «الحصول على كل شيء قلنا في العقد أن عليكم القيام به وإنجازه، ولن ندفع المزيد مقابلاً له». ومضى هانتر يقول إن العقد «يخلق هذا الصراع الكامن بين الجانبين». 

وتنبع التوترات من عقد قيمته 3.9 مليار دولار الذي ضغط الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب على «دينيس ميلينبورج»، الرئيس التنفيذي آنذاك لشركة يوينج للتوقيع عليه عام 2018. وطالب العقد الشركة بامتصاص الكلفة الإضافية لتعديل طائرتين من طراز بوينج 747-8 إلى طائرتين رئاسيتين جديدتين. والطائرات الرئاسية تكون عالية التجهيز وإجراءات الأمان وتعرف باسم آير فورس وان«حين يكون الرئيس على متنها. وبلغ اهتمام ترامب العميق بالطائرة الرئاسية حد اقتراح تغيير نظام الألوان، الحمراء والبيضاء والزرقاء، وهو المقترح الذي ترفضه الآن إدارة بايدن. وفي تقرير ربع سنوي في أبريل، أشارت بوينج إلى «ارتفاع تكلفة التوريد، وتكلفة الوفاء ببعض الشروط الفنية والتأخر في الجدول الزمني فيما يتعلق بالطائرتين الرئاسيتين الجديدتين»، وحذرت من أنها قد تواجه «خسائر إضافية في فترات مستقبلية». 


وصرح ديفيد كالهون، الرئيس التنفيذي الحالي لشركة بوينج، للمحللين إن لكن بلغ بنا المآل إلى ما وصلنا إليه الآن، وسنقوم بتسليم طائرات رائعة. لكن هانتر، مساعد وزير الدفاع لعمليات شراء طائرات«آير فورس وان»، لا يعتقد أن«هيكل العقد هو الذي أدى إلى المشكلات التي رأيناها في البرنامج. لكن وجود عقد بسعر ثابت مثل هذا، يثير تحديات بشأن كيفية التعامل مع هذه المشكلات عند ظهورها». وأضاف أن سلاح الجو «سيتعين عليه التفاوض مع بوينج»، بشأن تعويض إضافي محتمل عن التأخير لفترات طويلة في برنامج الطائرات الرئاسية المعروف باسم VC-25B. 
وجاء في بيان لبوينج أن الشركة«اتخذت القرار عام 2018 ووافقت على شروط عقد السعر الثابت. ومنذاك، أضافت الأحداث مخاطر وتحديات أمام عملية التنفيذ لم يكن من الممكن توقعها حينذاك. نحقق تقدماً، وملتزمون تماماً بتقديم هذه الطائرة لتلبية دعوة أمتنا. نواصل تحقيق تقدم مطرد في برنامج VC-25B، مع تغلبنا على بعض التحديات». وسيتم تسليم أولى الطائرات الرئاسية الجديدة بعد عامين على الأقل من تاريخ استحقاقها الأصلي في ديسمبر 2023 والثانية بعد ثلاث سنوات من تاريخ استحقاقها في أبريل 2024، وفقاً لبيانات لوزارة الدفاع. 

وذكر مكتب المساءلة الحكومي في تقرير صدر في الأيام القليلة الماضية أن الطائرة«لا تشتمل على تقنيات جديدة. بل ستدمج الطائرة التكنولوجيا المستخدمة بالفعل في أنماط أخرى في الطائرات التجارية الحالية». وبدأت بوينج في تعديل الطائرة الأولى في فبراير 2020 والثانية في يونيو 2020. وأشار مكتب المساءلة الحكومي أن المشكلات تضمنت تغيير المسؤول عن توريد مواد التصميم الداخلي للطائرة بسبب«ضعف الأداء ومسائل مالية». وتضمنت المشكلات أيضا تحديات في تثبيت أكثر من 200 ميل (322 كيلومتراً) من الأسلاك- نحو ضعف المستخدم في النسخة التجارية من الطائرة - وصعوبات في توظيف أشخاص يمكنهم اجتياز الفحص الأمني الدقيق. وحين سئل إذا كان عقد بوينج يعد صفقة جيدة لدافعي الضرائب، رد هانتر بالقول«سنعرف حين نتسلم الطائرة». 

بالإضافة إلى الدفعة الأساسية البالغة 3.9 مليار دولار لشركة بيونج، يشمل العقد 400 مليون دولار لتغطية كلفة الاختبارات الحكومية وقطع الغيار الأولية ومعدات الدعم ودعم المنتجات والتدريب وبناء المنشآت العسكرية. وعبر هانتر عن تفاؤله بأن البرنامج سيصحح نفسه قائلا«لا أرى احتمال حدوث فشل في الأداء». ومضى يقول«سنحصل على الطائرات. سنعمل على حل مشكلات الأسلاك والأمور الأخرى، وسيكون بمقدورنا دعم الرئيس أثناء ذلك»، حيث سيواصل السفر على متن النموذج الحالي من الطائرات.
*صحفي أميركي متخصص في شؤون الدفاع والأمن القومي. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»