برانشو فيرما
برانشو فيرما* الجهاز الجديد لديه القدرة على تمديد الفترة الزمنية لزراعة الكبد من 12 ساعة إلى 10 أيام، ما يعد إنجازاً مهماً.

برانشو فيرما* طور باحثون في سويسرا جهازاً يمكنه تخزين الكبد خارج الجسم لعدة أيام، مما يعزز كثيراً إمكانية زرع الأعضاء. وتتيح الآلة للأطباء الوقت لتحسين حالة الكبد ويمكنها أن تعزز المتوافر من الأعضاء الصالحة للتبرع، ويحقق الجهاز تحولاً في عملية النقل التي استمرت لعقود، ومازالت، تعتمد على طرق عتيقة، مثل الحفظ في صناديق الثلج.

ونشرت مجلة «نيتشر بايوتكنولوجي» Nature Biotechnology يوم الثلاثاء الماضي (31 مايو)، بحثاً طبياً كشف فيه علماء من مستشفى جامعة زيوريخ النقاب عن نجاح آلة في محاكاة جسم الإنسان، مما يسمح للكبد بالبقاء خارج الجسم لمدة تصل إلى 10 أيام، وهي فترة أطول بكثير من مدة 12 ساعة التي يعتبرها معظم خبراء زرع الأعضاء آمنة في ظل الأساليب الحالية. والجهاز لن يُستخدم سريرياً قبل عامين على الأقل، بحسب قول الباحثين، لكنه يستهدف حل مشكلة قائمة أمام جراحي الزراعة وتتمثل في إبطاء السباق مع الزمن لزرع عضو ما، مع ضمان إمكانية استخدام كل عضو متاح. وذكر بيير آلان كلافيان، الباحث الرئيسي في الدراسة ومدير الجراحة في مستشفى جامعة زيوريخ قائلاً: «نوفر مساحة من الوقت لإصلاح المشكلات.

الآن، يمكننا أخذ كبد في حالة سيئة ونحاول استخدام الدواء أو أي شيء نريده لجعله أفضل». ويشير الخبراء إلى أن زرع الأعضاء واحدة من أكثر الابتكارات تأثيراً في الطب الحديث لأنها تسمح للأطباء بإطالة عمر أشخاص واجهوا أمراضاً خطيرة في أعضاء معينة. وفي عام 1954، أجرى جراحون في مستشفى بريجهام والنساء في بوسطن أول عملية زرع ناجحة تم خلالها نقل كلية لمريض تبرع بها شقيقه التوأم. وفي ستينيات القرن الماضي ظهرت جراحات زراعة الكبد والقلب والبنكرياس.

ومنذئذ، طورت العلوم الطبية آليات جراحة زرع الأعضاء، لكنها لم تتطور تقريباً في طريقة نقل الأعضاء وتخزينها. فحين يجري التبرع بعضو، يهرع الأطباء إلى السفر جواً للحصول عليه ثم يعودون به إلى المتلقي، وكل ذلك في غضون ساعات، في محاولة للحفاظ على العضو في حالة مستقرة. وذكر ديفيد كلاسين، كبير المسؤولين الطبيين في «الشبكة المتحدة لمشاركة الأعضاء»، أن توافر جهاز يمكنه تمديد الفترة الزمنية لزراعة الكبد من 12 ساعة إلى 10 أيام يعد إنجازاً مهماً.

ويؤكد أن هذا قد يزيد المعروض من الكبد المتاح للتبرع، وهذه إمكانية كبيرة نظرا لتفوق الطلب على الكبد على العرض من الأعضاء المتبرع بها في جميع أنحاء العالم. وتشير إحصاءات حكومية أميركية أن أكثر من 11800 شخص كانوا على قائمة الانتظار في أميركا للحصول على كبد عام 2021، في المرتبة الثانية بعد الذين ينتظرون الحصول على كلى. ومع توافر وقت أطول، يستطيع جراحو الزراعة القيام بمحاولات لتحسين حالة الكبد التي لولا توافر هذا الوقت الأطول لما أمكن قبول التبرع بها.

فغالباً ما يتم التخلص من الكبد لمجرد أنه يحمل قدراً مفرطاً من الدهون، لكن مع توافر المزيد من الوقت، يستطيع الجراحون تقليص الدهون جراحياً. وذكرت «الشبكة المتحدة لمشاركة الأعضاء» أنه في عام 2021، تم التخلص من 944 كبداً من أصل 9541 كبداً تم الحصول عليها من أجل الزراعة. وذكر كلاسين أن الجهاز قد يغير ترتيبات جراحة الزرع. فبدلاً من استدعاء المرضى إلى المستشفى في ساعات غريبة من الليل، يمكن تحديد موعد لإجراء الجراحة.

ولن يضطر الأطباء إلى دفع المرضى بسرعة إلى غرفة العمليات، مما يمنحهم الوقت للتأكد من استقرار حالتهم الحيوية أو معالجة أي عدوى في أجسامهم. ومضى كلاسين يقول إن الجهاز يمثل «علامة فارقة». وفي السنوات القليلة الماضية، ظهرت آلات أخرى في السوق لتحسين طريقة تخزين الأعضاء - مثل الكلى والرئتين والقلب والكبد. لكن «كلاسين» ذكر أنه لا يعتقد أن أياً من هذه الآلات تستخدم لتمديد وقت الزرع إلى أيام.

ومضى يقول: «هذا يختلف عن ذي قبل»، مضيفاً أن الباحثين السويسريين وسعوا حقاً نافذة الزرع بشكل كبير جداً. وبدأ فريق «كلافيان» - وهو اتحاد من الأطباء والباحثين السويسريين من مستشفى جامعة زيوريخ وجامعة زيوريخ وجامعة إ. تي. إتش. زيوريخ - العمل على آلة تخزين الكبد منذ نحو ست سنوات.

ويخزن الجهاز كبداً بشرياً عند درجة حرارة 98.6 فارنهايت (37 مئوية) وبه أجهزة ملحقة به تحاكي وظائف القلب والرئة والكلى. والأنابيب المتصلة بالكبد تمده بالهرمونات والمغذيات وتطرد السموم وتزود العضو بالمضادات الحيوية للحفاظ على صحته إلى حين نقله في جسد آخر. وبعد صنع الآلة، تعين على الباحثين إثبات فعاليتها. وللقيام بذلك، عثروا على كبد متاح للتبرع به في أوروبا.

وكان من المقرر التخلص منه لأنه كان مصاباً بورم. لكن بعد ثلاثة أيام من تقييمه، وجد الباحثون أن الورم حميد وعالجوه بالمضادات الحيوية. وبمجرد أن أصبح مناسباً لعملية النقل، تم زرعه في مريض. وذكر الباحثون أن الدراسة التي صدرت في الأيام القليلة الماضية أشارت إلى أن المريض لم تظهر عليه أي أعراض سلبية من الجراحة، مما يشير إلى أن الجهاز نجح في تخزين العضو. وقال كلافيان إنه في العام المقبل أو نحو ذلك، يخطط لتكرار هذه العملية في 24 مريضاً آخر، مما يدعم حجة استخدام الجهاز سريرياً. ثم سيتقدم فريقه بطلب إلى إدارة الأغذية والعقاقير وإلى الجهات التنظيمية الأوروبية المقابلة، للحصول على موافقة لاستخدام الجهاز.

وذكر أن الجهاز لن يتوافر في المستشفيات عموماً، إلا بعد عامين تقريباً، كما أنه يشعر بالتفاؤل إزاء إمكانية استخدامه مع الأعضاء أخرى. ويعتقد أن في حالة استخدام الآلة مع الأعضاء الأخرى قد تحتاج فقط إلى بعض التعديل. ويرى «شين أوتمان»، خبير زراعة الأعضاء وأستاذ الجراحة المساعد في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز، أن الآلة واعدة. ففي ظل النظام الحالي حيث يتم تخزين الكبد بالتبريد، قد تنفد «ساعات الحفظ»، قبل أن يتغلب الأطباء على العقبات الخاصة بجراحة ما، مثل اختبار فيروس كورونا. وقد لا يتوافر لهم إلا وقت محدود لتحسين حالة العضو للتأكد من أنه مناسب للتبرع. وأضاف أوتمان: «هناك بعض الأكباد التي لا تستخدم حالياً في الولايات المتحدة والتي يمكن استخدامها إذا لم ينفد الوقت. وستساعد هذه التكنولوجيا في استنقاذ بعضاً من هذه الأكباد».

وأشار أوتمان إلى أن التحديات لا تزال قائمة، على الرغم من ذلك. وقد يكون من الصعب الحصول على موافقة إدارة الأغذية والعقاقير. وذكر أوتمان أنه فيما يتعلق بسعر الجهاز الذي لم يتم تحديده بعد، فقد تصبح كلفته باهظة، خاصة لأن النظام الحالي لعمليات الزرع يعمل بشكل جيد إلى حد كبير. ومضى يقول: «النظام الحالي ينجح في 90% من الحالات. وقد يضيف الجهاز الجديد كلفة إضافية لعمليات الزرع بغير حاجة إلى ذلك». *صحفي متخصص في تغطية شؤون التكنولوجيا. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
     
For Publishing 
1073x1073 
1.34MB