يقتل التدخين نصف مستخدميه، بشكل مباشر أو غير مباشر. حيث يتسبب التدخين في وفاة 6 ملايين شخص سنوياً. وإذا لم تتخذ التدابير الكافية لمكافحة التدخين، فسيرتفع العدد السنوي لقتلى التبغ إلى 8 ملايين بحلول عام 2030.

وحالياً يعيش 80 في المئة من المدخنين البالغ عددهم أكثر من مليار شخص في الدول الفقيرة، والدول متوسطة الدخل، حيث تنخفض معدلات الرعاية الصحية للأمراض الناتجة عن استخدام التبغ، ويصعب إيصال رسائل التثقيف الصحي بشكل فعال. كما يتزايد عاماً بعد آخر حجمُ الاستهلاك العالمي من التبغ، وإن كان حجم هذا الاستهلاك يتراجع في الدول الغنية وشبه الغنية.

ورغم أن الغالبية العظمى منا أصبحوا على دراية بالتبعات الصحية للتدخين، فإن الكثيرين ما زالوا لا يدركون التبعات البيئية لزراعة وصناعة وتوزيع واستخدام منتجات التبغ.. حيث أصبح التأثير الضار لمنتجات التبغ واسع المدى ومتزايداً بشكل مطرد، مما يضع المزيد من الضغوط على كوكب يتناقص فيه بالتدريج المتاحُ من الموارد الطبيعية، وتتميز بيئاته الطبيعية بالهشاشة.

هذا الوضع برمته، هو ما ستركز عليه هذه السنة، فعاليات اليوم العالمي للامتناع عن استخدام منتجات التبغ (World No Tobacco Day)، والذي يحل كل عام في آخر أيام شهر مايو.

وتهدف هذه الحملة السنوية، بخلاف زيادة الوعي العام والإدراك بالتأثيرات الصحية الضارة والمميتة، إلى التوعية بالتبعات البيئية السلبية لاستخدام منتجات التبغ. وذلك من خلال إلقاء الضوء على حقيقة أن زراعة وصناعة التبغ، تلوث وتسمم مياه الشرب، والتربة الزراعية، والشواطئ، والشوارع والطرقات في المدن والقرى.. بمواد كيماوية، ونفايات سامة، وأعقاب السجائر، بالإضافة إلى المواد البلاستيكية، ومخلفات السجائر الإلكترونية.

ورغم محاولات متعددة وعقيمة لشركات صناعة التبغ، صرف الانتباه عن الضرر البيئي الذي تتسبب فيه، من خلال تبرعات مالية ضخمة لمبادرات الاستدامة، وادعاءها الالتزام بمعايير بيئية من وضعها، يظل الضرر البيئي الفادح لتجارة الموت هذه باق، وربما أزلي.

ويمكن إدراك حجم هذا الضرر من بعض الحقائق المخيفة التي نشرت بالتزامن مع اليوم العالمي للامتناع عن التدخين هذا العام، نذكر منها، أولا: تم قطع 600 مليون شجرة لغرض تصنيع السجائر.

ثانياً: ينتج عن زراعة وصناعة التبغ إطلاق 84 مليون طن من غاز ثاني أوكسيد الكربون، مما يفاقم مشكلةَ الاحتباس الحراري والتغير المناخي.

ثالثاً: تم استخدام 22 مليار طن من المياه لغرض تصنيع السجائر. هذه الأرقام الهائلة والضخمة للمصادر الطبيعية المستهلَكة، تلبيةً لرغبة غير أساسية للحياة وللبقاء، تهدد -تزامناً مع مخاطر بيئية سلبية أخرى- بانهيار النظم البيئية الحيوية، واختلال التوازن البيئي برمته، ليتبقى لنا في النهاية كوكب مقفر مسمم.

د. أكمل عبد الحكيم

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية