ظهرت رسوم كاريكاتورية على الإنترنت في وقت مبكر من صباح أحد أيام الجمعة. والرسوم من إنتاج حزب أسترالي يميني متطرف، وقد ملأت وسائل التواصل الاجتماعي بنكاتها الحادة ومزاعمها الزائفة حول سرقة الانتخابات.

وغرد أحد الأشخاص قائلاً: «هذا يحتاج إلى فحص حقائق #FactCheck»، وغرد آخر متسائلاً: «أليس هذا غير قانوني؟». وتم تنبيه لجنة الانتخابات الأسترالية بالإشارة إليها في سيل التغريدات. وفي غضون دقائق، ردت الوكالة الاتحادية واصفةً فيديو الرسوم بأنه «زائف» و«محبط». وأدى رد الوكالة السريع إلى تصنيف تويتر للرسوم بأنها «مضللة». وأزالها فيسبوك وتيك توك تماماً.

ويعكس الحادث الذي وقع الشهر الماضي المد المتصاعد للمعلومات المضللة التي تواجهها أستراليا مع استعدادها للانتخابات هذا الشهر. لكنه يظهر أيضاً فائدة وجود وكالة واحدة تشرف على العملية الانتخابية في بلد ما. وصرح إيفان إكين سميث، رئيس قسم التواصل الرقمي في لجنة الانتخابات الأسترالية قائلاً: «نقف حقاً على الخطوط الأمامية لحماية الديمقراطية الأسترالية». وفي الولايات المتحدة، يشرف على الانتخابات خليط من المسؤولين الحزبيين على مستوى الولايات والمحليات. ومع إضافة المجمع الانتخابي، يبدو النظام في بعض الأحيان فوضوياً أو حتى عرضةً لتأثير لا داعي له، كما أدرك ذلك الأميركيون عام 2020. وترى بيبا نوريس، الأستاذ بكلية كينيدي للإدارة بجامعة هارفارد أن «هناك عدداً لا يحصى من الاختلافات الرئيسية والثانوية في كيفية تطبيق القوانين واللوائح الانتخابية في جميع أنحاء أميركا.

وهذا ينتهك المبادئ الأساسية للمساواة والاتساق في العمليات الانتخابية وحقوق التصويت، ويؤدي إلى اعتبارات شديدة الحزبية تتلاعب بالنظام وتشجع على ممارسات خاطئة كثيرة». وعلى النقيض من ذلك، يحظى النظام الانتخابي الأسترالي بإشادة محللين في جميع أنحاء العالم. ووصف ستيفن جيه مولروي، الأستاذ بجامعة ممفيس وهو مؤلف كتاب عن قانون الانتخابات الأميركي، النظام الانتخابي الأسترالي بأنه «معيار الذهب في إدارة الانتخابات». وأشارت أريادن فرومين، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الوطنية الأسترالية، إلى أن اللجان الانتخابية المستقلة لا توجد إلا لدى عدد قليل من الدول الأخرى. ومضت تقول: «هذا أحد ابتكاراتنا الجيدة، وكذلك التصويت الإجباري. يثق الناس في أستراليا بهذه العمليات. قد لا يشعرون بحماس خاص أو لا يثقون في اللاعبين السياسيين والسياسيين أنفسهم والأحزاب السياسية، لكنهم يثقون بالمؤسسات».

وهذه الثقة أصبحت موضع اختبار الآن. ففيضان المعلومات المضللة الذي حفز هجوم السادس من يناير 2021 على مقر الكونجرس الأميركي لم تسلم منه أستراليا. وأكد إكين-سميث أنه منذ الانتخابات الاتحادية السابقة عام 2019، تصاعدت المزاعم الزائفة بشأن الانتخابات الأسترالية بشكل كبير. وبعضها مستورد فيما يبدو من الولايات المتحدة.

وأضاف أكين سميث قائلاً: «ظهرت مزاعم عن استخدام آلات تصويت دومينيون». وأكد أن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة. ومع تغير التحديات، تغيرت لجنة الانتخابات. فحين انضم أكين-سميث، عام 2011، للجنة لم يكن لديها حساب على تويتر. وبعد عقد من الزمن، يساعده الآن بضع أشخاص في التغريد بوتيرة مذهلة تصل عشرين مرة في الساعة. كما أن لدى اللجنة حسابات على فيسبوك وانستجرام ولينكدإن ويويتيوب، ودخلت في شراكة مع تيك توك بشان دليل الانتخابات، وعقدت منتدى على «ريديت».

واستهدف كل هذا مواجهة الادعاءات الزائفة قبل أن تتاح لها فرصة الانتشار. وذكر إكين سميث قائلاً: «لسنا غافلين عن حقيقة أن وسائل التواصل الاجتماعي تتحرك بسرعة مذهلة. لكن ما يمكننا القيام به على نحو أسرع، من خلال الرد عبر قنواتنا، قد يكون أكثر فاعلية». ومع اقتراب موعد الانتخابات، تلقت اللجنة شكاوى عديدة حول بيانات زائفة أو مضللة من مرشحين أو أحزاب أو جماعات مؤثرة.

فاللجنة تحرس فحسب المعلومات حول العملية السياسية، وليس الخطاب السياسي. ويؤكد إكين-سميث أن كلام حزب عن آخر أو مرشح عن آخر ليس من مهمة اللجنة. وفي حالة وجود معلومات مضللة عبر الإنترنت، يتعين على اللجنة توخي الحذر في الرد حتى لا تتضخم مثل هذه المعلومات. وحين نشر حزب «وان نيشن» اليميني المتطرف، في 29 أبريل المنصرم، مقطعه المصوَّر الذي زعم أن التصويت غير القانوني حسم الانتخابات الاتحادية الأسترالية عام 2010، تشاور إكين-سميث مع الفرق القانونية والتنفيذية في اللجنة قبل صياغة رد، ثم كتب على حساب اللجنة على تويتر: «هذا التعليق على النظام الانتخابي مخيب للآمال للغاية».

وشكا بعض مستخدمي تويتر من أن الرد لم يكن أكثر صرامة، واستخدم إكين-سميث بالفعل نبرة أشد في التغريدات اللاحقة. لكنه لم يرغب في إثارة جدل قد يتسبب في انتشار الفيديو على نطاق أوسع. وفي غضون ذلك، تواصل زملاء في اللجنة مع شركات وسائل التواصل الاجتماعي التي وصفت الفيديو بأنه مضلل أو حذفته. ونفى إكين-سميث التلميحات بأن اللجنة لم تكن عادلة تجاه «وان نيشن». فلم تعترض اللجنة على رسوم كاريكاتورية سابقة كانت فظيعة، لكنها لم تضلل الناس بشأن النظام الانتخابي. ومع إذكاء وسائل التواصل الاجتماعي للاستقطاب، تطلب اللجنة من جميع موظفيها، وبينهم عشرة آلاف موظف مؤقت، التوقيعَ على إعلان الحياد السياسي. ويؤكد إكين-سميث أن المسؤولية كبيرة «لأن الانتخابات الفاشلة، حقيقةً أم تَوهُّماً، كما رأينا في نظم قضائية أخرى، من المحتمل أن تكون مدمرة».


فرانسيس فينال* ومايكل ميلر**

*مراسلة «واشنطن بوست -ملبورن (أستراليا)

**رئيس مكتب «واشنطن بوست» -سيدني (أستراليا).

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»