تدخل دولة الإمارات العربية المتحدة مرحلةً استثنائية، فربما لم يكن هناك فارق كبير بين العامين الخامس والأربعين والسادس والأربعين من عمر الدولة منذ إعلان تأسيسها، أما العام الخمسون الذي أتمّته الدولة في ديسمبر الماضي، فهو عمرٌ استثنائي. وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بتلك المناسبة: «قبل خمسين عاماً صمّم فريق الآباء المؤسّسين حياتَنا اليوم، ونريد العام القادم تصميم الخمسين عاماً القادمة للأجيال الجديدة». 
وقد وضع الشيخ محمد بن راشد تصميم الخمسين عاماً القادمة من خلال كتابة فصول جديدة في المحرّكات الاقتصادية والمجتمعية والتنموية حتى نكون في الإمارات الأفضل عالمياً خلال خمسين عاماً القادمة. 
وأما على صعيد هذا الإقليم الذي قُدّر للإمارات أن تكون فيه، فرغم أنه إقليمٌ لم يحظَ بأعوام عادية مثل أعوام سائر مناطق العالم، وكان دائماً ما يتصدّر عناوينَ الصحف العالمية ونشرات الأخبار بأمراضه المزمنة وتقلّباته المفاجئة وأحداثه الملتهبة وصراعاته التي لا تنتهي، إلا أنّه يشهد الآن مرحلةً استثنائية، بفرص السلام التي تهيأت، وبتهدئة الجبهات بعدما بلغت أقصى نقاط الاشتعال، وباندحار الجماعات المتطرفة وأحلامها، وبانكفاء الطامعين ومشاريعهم.. وقَدَرُ الإمارات أن تكون لاعباً أساسياً في أي معادلات للتغيير على مستوى الإقليم، لا بحثاً عن دور، فالإمارات لا تبحث عن أدوار، وإنما الدور هو الذي يبحث عنها.
والعالَمُ أيضاً يمرّ بمرحلة استثنائية، فذلك الكيان المعنوي الذي يضمّ عدداً من الدول ذات النفوذ الدولي، والتي تشارك في صنع القرار العالمي، ولها دور فاعل على الساحة العالمية، وأعني «المجتمع الدولي»، بات هذا المجتمع في حالة موت غير معلن، لا سيما بالنسبة للدول الخليجية التي تأسّست في ظلّ وجود ذلك المجتمع، ويبدو من الواضح أنّ العالَم بأسره مقبلٌ على مرحلة استثنائية، فإلى أن يولد نظام عالمي جديد لا أحد يعرف ملامحَه ولا تحالفاتِه ولا حتى أقطابَه، سيكون على الدول (كبيرها وصغيرها) تدبيرَ أمورها بنفسها. 
الإمارات إذن بصدد مرحلة استثنائية محلياً، وذلك بالتصميم نحو الارتقاء لتكون الأفضل عالمياً خلال خمسين عاماً القادمة، ومرحلة استثنائية إقليمياً بالدفع نحو خلق شرق أوسط جديد يحمل رؤية مختلفة لمستقبل أفضل لشعوب المنطقة، ومرحلة استثنائية عالمياً مفتوحةً على احتمالات يصعب التكهّن بها. 
وفي خضم كل هذه الأوقات الاستثنائية التي تحمل في طيّاتها تحديات استثنائية، يأتي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيساً لدولة الإمارات العربية المتحدة، وقائداً استثنائياً لمراحل استثنائية محلياً وإقليمياً وعالمياً، بعدما انتخبه المجلس الأعلى للاتحاد بالإجماع رئيساً، وبايعه الشعبُ بالإجماع قائداً، ليُكمل ويواصل مسيرة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والمغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله. 

كاتب إماراتي