ما حل بي من ألم ولوعة بعد خبر رحيل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، خففه ما كان حاضراً في نفسي عند سماع الخبر، وهو قول الله تعالى: «تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً، وهو العزيز الغفور»- صدق الله العظيم. فالزفرات والعبرات في صدري ومدمعي هدأتها  هذه الآية.

فالموت والرحيل من سنن الحياة، ثم أخذت أرى العالم من حولي، حيث هالني مدى اتساع المحبة والتقدير والامتنان لفقيد الوطن على كافة المستويات من المواطنين والمقيمين في الإمارات إلى المستوى الإقليمي العربي والإسلامي حتى المستوى الدولي، فقد كانت الأدعية والتضرع إلى الله بالرحمة لفقيد الوطن والإنسانية تنتشر وتحلق في سماء العالم، مع إقامة صلوات الغائب في مختلف مناطق وطننا كما في دول عدة ومنها الأماكن المقدسة الإسلامية، إلى جانب إعلان الحداد في دول كثيرة، ومع تزاحم برقيات التعزية ونشر الإنجازات والمواقف المتعددة من مختلف الدول المنظمات والجمعيات والصحف والشخصيات حول العالم.

حقاً، جسّد الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان من الأعمال والإنجازات والمبادرات كتاباً مقروءاً ومسموعاً ومشهوداً لوطنهِ الإمارات وأمتهِ العربية والإسلامية وللعالم بأسرة، فقد شارك وعاصر وعزز مرحلة الاتحاد والتنمية السريعة والأمن المنيع مع أبيه المؤسس الشيخ زايد ومع حكام الإمارات المؤسسين، وكان عمله الدؤوب مشهوداً له في تحقيق وتقديم أعلى وأفضل السياسات العامة والسبل والطرق والتعاملات في كافة المجالات التعليمية والصحية والاجتماعية والاقتصادية والتشريعية والأمنية، إضافة إلى تكوين قوة عسكرية منيعة ونوعية. فالأعمال لا تزول أبداً، حيث كان فاعلاً وحاضراً في دعم القضايا الإنسانية مثل التعاون والجهود التنموية ومكافحة الفقر والأمية والأوبئة ودعم السلام عبر المساعي الحميدة لحل النزاعات، والتصدي للكوارث الطبيعية في مختلف مناطق العالم.

وفي مسيرة رئاسته لدولة الإمارات شق ومهد لنا المغفور له الشيخ خليفة بن زايد، طرق التنمية المستدامة مع أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وتعاضدَ أيضاً مع حكام الإمارات، فالأجيال القادمة سيجدون دولتهم قوية ومتطورة وفاعلة، تمتلك تنوعاً اقتصادياً ومصادر متعددة للطاقة، وتمتاز بقوة عسكرية وبقدرات بشرية ذات معرفة عالية ومتقنة لما تنتجهُ الحداثة كافة بل ومساهم فيها، وتحمل راية التسامح ويد العون للإنسان، مع توفر تشريعات وقوانين لتحقيق العدالة والمشاركة في مسيرة تقدم الوطن ورفعتهِ.

فلتطمئن روحك عند بارئها، وفي رحمة الله تعالى وإلى جنات الخلد، فالوطن لن تهزه أو تنال منه تقلبات ودواعي الزمن، فقد حافظت وعززت من العهود المتجددة بين النظام السياسي والشعب في تحقيق الأمن والتطور وتقاسم حلو ورغد الحياة مع الشعب.

فها هو شعب الإمارات يعتصم بتجديد العهد نحو الأمن والتقدم والتطور مع قيام أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حُكام الإمارات بانتخاب سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيساً لدولة الإمارات العربية المتحدة.

* كاتب ومحلل سياسي.