أدت محاولة إيلون ماسك الناجحة لشراء «تويتر» وتحويله إلى مركز لحرية التعبير، إلى إثارة قلق موظفي الشركة، وإلى استقطاب داخل قاعدة مستخدميها، حيث أصبح هذا الحدث نقطة توتر في الحرب الثقافية الأوسع حول ما يجب السماح للناس بقوله في الأماكن العامة.
وصف السناتور المحافظ تيد كروز («جمهوري»– تكساس) عملية الشراء المرتقبة من جانب رجل الأعمال «ماسك» بأنها «أكبر تطور لحرية التعبير منذ عقود». وتوقعت النائبة الليبرالية ألكساندريا أوكاسيو كورتيز («ديمقراطية»– نيويورك) حدوثَ «انفجار في جرائم الكراهية» لأن «هناك ملياردير ما مغرور» يريد السيطرة على تويتر!
ويعد تويتر منصةً نادرة تسمح للناس العاديين بتحدي مَن هم في السلطة مباشرةً، وتعبئة الاحتجاجات وتضخيم المعارضة. وفي الوقت نفسه، فإن تويتر يصارع خطاب الكراهية منذ أكثر من عقد، هذا الخطاب الذي غالباً ما يستهدف النساء والأشخاص الملونين. والآن، مع اقتراب سيطرة ماسك، فإن مستقبل أنظمة الاعتدال التي صممتها الشركة بشق الأنفس، ولعقود من الزمان، بات غير مؤكد، مما يجعل الكثيرين يتساءلون عن الشكل الذي ستبدو عليه المنصة؟ ومَن قد يعاني أكثر مِن غيره؟
قال مايكل كلاينمان، مدير مبادرة وادي السيليكون في منظمة العفو الدولية وخبير في مضايقات تويتر: «كلما زاد تعرض الناس للمضايقة، قلَّ احتمال التحدث علانيةً. وما أخشاه هو إسكات الأصوات التي نحتاج إلى سماعها بشدة، الأصوات الأكثرَ تأثراً بعدم المساواة الهيكلية أو العنصرية». وأضاف كلاينمان أن محاولة التنبؤ بما سيفعله إيلون ماسك هي لعبة خطيرة. ومع ذلك، وانطلاقاً من تعليقاته حتى الآن، فإننا قلقون للغاية من أن تويتر، كشركة، سيبدأ في إيلاء اهتمام أقل لقضايا خطاب الكراهية والإساءة والعنف على المنصة، وخاصة الخطاب الموجه إلى النساء ومجتمعات الملونين.
لقد حقق تويتر تقدماً محدوداً في السنوات القليلة الماضية، لا سيما فترة عام ونصف العام الماضية. لكن إذا لم تكن هناك قيادة عليا تركز على هذا، أو إذا كانت هناك قيادة عليا تزدري صراحةً الحاجة إلى هذا النوع من الإشراف على المحتوى، فنحن قلقون للغاية من أن هذا التقدم المحدود سيتعرَّض لمزيد من التآكل.
ومن جانبها، قالت جوان دونوفان، مديرةُ الأبحاث في مركز شورنشتاين للإعلام والسياسة العامة بجامعة هارفارد، وهي أيضاً باحثة في شؤون المعلومات المضللة: إذا نظرنا إلى ما قاله إيلون ماسك مؤخراً، فإنه غير مهتم بجعل تويتر مربِحاً. إنه مهتم به في الغالب لأنه يدعي أنه الساحة الرقمية العامة للقرن الـ21. مشكلة هذا النوع من الخطاب هي أن الساحةَ العامة تحكمها الدول التي لديها العديد من القواعد.
لكن هذا يتعارض مع ادعاء ماسك بأنه مع حرية التعبير إلى أقصى حد، مما يعني في الأساس أنه سينفذ القواعد التي تنص على أن النوع الوحيد من الكلام المحظور على تويتر هو الكلام الذي يتعارض مع القانون. لكن عبر الإنترنت، معظم الأشياء مسموح بها. ليس لدينا أي قوانين قوية للملاحقة الإلكترونية. وليس لدينا أي قوانين قوية للمضايقة الإلكترونية.
لذا لا أعتقد أن القواعد التي يتخيلها ماسك ستحل محل تلك التي تفضي إلى وجود خطاب عام صحي للغاية. وبسؤاله عمن سيتعرض للمضايقات على تويتر أكثر من غيره، قال كلاينمان: في عام 2018، أجرينا دراسة على 778 امرأة يستخدمن المنصة، وهن بين ناشطات وصحفيات وسياسيات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. ما وجدناه أن 7.1% من التغريدات المرسلة إلى النساء في الدراسة كانت تمثل إشكالية أو إساءة. وكانت النساء ذوات البشرة الملونة (من السود) والآسيويات واللاتينيات ومختلطات العرق.. أكثر عرضةً للإساءة في تغريدات تويتر بنسبة 34% مقارنة بالنساء البيض. وأخيراً، يتم استهداف النساء السود بشكل غير متناسب، حيث يزيد احتمال ذكرهن بنسبة 84% مقارنة بالنساء البيض في التغريدات المسيئة. وأعتقد أن هذه الفئات هي التي سيتعين عليها تحمل وطأة أي تغييرات يقوم بها إيلون ماسك.

برانشو فيرما
مراسل في فريق التكنولوجيا بصحيفة «واشنطن بوست»
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»