حين ألّف سيد قطب كتابه:«العدالة الاجتماعية في الإسلام» عام 1948 كتب على طرّة الغلاف إهداءه:«إلى الفتية الذين ألمحهم في خيالي قادمين يريدون هذا الدين جديداً كما بدأ، يجاهدون في سبيل الله، ولا يخافون لومة لائم»، هذه العبارة أشعلت الجدل حول سنة انضمام سيد قطب لتنظيم الإخوان المسلمين، ينقل حلمي النمنم في كتابه:«سيد قطب وثورة يوليو»، أن التحاقه بهذه السنة غير دقيق، وينقل عن سيد قوله:«لم يكن الأمر كذلك، ولكنهم من جانبهم تبنوا الكتاب، واعتبروا صاحبه صديقاً، وبدأوا يهتمون بأمره، فلما عدت في نهاية عام 1950 بدأ بعض شبابهم يزورني ويتحدث معي» (ص:113/114).. سيد قطب بعد خلافه مع جيل ثورة يوليو، بدأ بإعلان العداوة على «الدولة الوطنية» ووضعها مقابل الدين والإصلاح والحرية والعدالة، وهذا تفصيله معروف وموجود.

مثّل الضجيج المصاحب للأعمال الدرامية التي تناولت الإرهاب ومنها الجزء الثالث من «الاختيار» فرصة لبعث سجال ما بعد الانتفاضات العربية، محاولة «إخوانية» لإحراج خالد الصاوي ببعث «بوست» قديم له على «الفيسبوك» ومحاولة ضربه وتحشيد الناس أولاً، والأجهزة الأمنية ضده ثانياً، ولكنه واجههم برد متقن حاسم. عرض مسلسل «الاختيار» بجزئه الثاني الذي سبق هذا الموسم لمحاولة تفجير «استاد القاهرة»، ومسلسل العائدون هذه السنة تطرق لمحاولة تفجير دار القضاء العالي، وأثناء كتابة هذه المقالة أعلنت قوات إنفاذ القانون في شرق القناة بمصر عن إحباط هجوم إرهابي نفذته بعض العناصر التكفيرية على نقطة رفع مياه شرق القناة، المتحدث العسكري العقيد أركان حرب غريب عبدالحافظ، قال إن:«مجموعة من العناصر التكفيرية قامت بالهجوم على نقطة رفع مياه شرق القناة، وتم الاشتباك والتصدي لها من العناصر المكلفة بالعمل في النقطة، ما أسفر عن استشهاد ضابط و10 جنود، وإصابة 5 أفراد وجار مطاردة العناصر الإرهابية ومحاصرتهم في إحدى المناطق المنعزلة في سيناء»!

الرئيس المصري المحارب للإرهاب والشجاع عبدالفتاح السيسي ألقى كلمةً في رمضان، وعلّق على أحداث مسلسل «الاختيار»، وأوضح بما معناه أن المسار الاجتماعي المصري هو الذي خلق حتمية «هزيمة الإخوان»، قيادات «إخوانية» كبرى تعتبر «الإخوان» فشلة في القيادة والحكم ومن هؤلاء عبدالله النفيسي الذي يقول إن الإخوان يجيدون إطلاق المدافع للهدم، لكنهم لا يحسنون البناء، كذلك كان الإخوان بمصر وتونس والسودان والمغرب وغيرها، بل نرى استراتيجياتهم الرتقاء عبر ممارسات حركة حماس الإخوانية وتضييعها لحقوق الفلسطينيين باسم «المقاومة» وهي تستهدف المدنيين.

لقد دمّر مسلسل «الاختيار» كل بناء المحاججة الذي وضعه «الإخوان» ضد المؤسسة العسكرية وضد الرئيس السيسي تحديداً، وذلك عبر التوثيق والتأسيس لرواية تثبت أن «الإخوان» قاموا بالترويج لكذبة «الانقلاب» (بعض الليبراليين يتبنون هذه المقولة) أو«خيانة مرسي» والتي علّق عليها السيسي بالتفصيل.
لكن لماذا يحاولون استهداف القنوات والمؤسسات المدنية؟!
لو رجعنا للتاريخ سنعثر على مخطط سيد قطب الجهنمي الذي كشف قبل تنفيذ «تنظيم 65» أو ما يعرف بـ«تنظيم سيد قطب» له، خطط لتفجير القناطر الخيرية، وإغراق الدلتا، حتى يتمكن التنظيم من التحرك ضمن الفوضى التالية للحدث، ولنعد لوثيقة: «لماذا أعدموني» بخط يد سيد قطب، نقتبس من تلخيص محمود إسماعيل للوثيقة حين كتب:«هذه الوثيقة هي الإفادة التي قدمها سيد قطب للمحققين في قضية تنظيم 1965 التي انتهت أحكام القضاء فيها إلى إعدامه، ومن ثمَّ فإن هذا مما يضاعف من أهميتها، لكن ما يضعها دائماً في بؤرة الضوء ويجعلها جديرة بالقراءة اليوم في ذكراه الـ51، أنها تقطع الصلة بحقيقة اعتقاده بضرورة اللجوء إلى العنف في مواجهة السلطة، وسعيه بالفعل إلى تكوين خلايا مسلحة تتصدى للدولة، ولا مانع لديه من تدمير المنشآت والمصالح الحيوية «لشل حركة الأجهزة الحكومية عن متابعة الجماعة» –كما ورد نصاً في الكتاب- وهو سياق لا يختلف عن محاولات التنظيمات المسلحة المنسوبة للإخوان اليوم لتدمير أبراج الكهرباء وغيرها من المرافق المهمة».
خلاصة القول، إن فكرة سيد قطب، وأفكار إغراق المدن واستهداف قنوات المياه، ومحطات الكهرباء، وآبار النفط، لا تزال حيّة لدى جموع الإرهابيين، الأهم أن نبقى يقظين لهذه الخطط الملعونة.
*كاتب سعودي