تطور هائل وقفزات متسارعة يشهدها الإعلام في عالمنا المعاصر، سواء من حيث الوسائل التي باتت تعيش ما يمكن أن نطلق عليه سلسلةً لا متناهية من الطفرات، أو من حيث الأساليب والطرق التي تحكم كيفيةَ صياغة الرسائل وتوجيهها وتحديد الجمهور المستهدف منها، وهو ما يلقي على عاتق الدول والحكومات والمجتمعات تحديات جديدة لابدّ من الاستجابة لها والتفاعل معها، إذا ما أرادت المحافظة على مركزها وتنافسيتها وقدرتها على الوجود والتأثير في المحافل العالمية.

إن نظرةً إلى ما هو متاح اليومَ عبر الفضاء الإعلامي، الذي بات يجنح بشكل شبه كامل إلى التحوّل الرقمي، ويبتعد بشكل متسارع عمّا ألفناه على مدى عقود مضت من وسائل الاتصال التقليدية، ويعج بشتى أشكال وأنواع ومستويات المحتوى، تجسّد على أرض الواقع ما كان ينظر إليه قبل نحو ثلاثة عقود على أنه ضرب من الخيال، بأن العالم سيصبح أقرب إلى قرية صغيرة تنتقل فيها المعلومة وتنتشر، وتطوي أطراف الأرض خلال زمن قياسي لا يتجاوز دقائق معدودة، وهو الأمر الذي لابدّ إزاءه من الحرص على مواكبة كل جديد، خصوصًا ما يتعلّق بتأهيل الركيزة الأساسية للعملية الإعلامية وهي العنصر البشري.

هذا الأمر تنبّهت له الإمارات منذ وقت مبكّر وأخذته على محمل الجدّ بالشكل والمستوى الذي يستحقه، فحرصت على تأسيس منظومة إعلامية وطنية قادرة على التعامل مع المستجدات كافة، على تنوّعها واختلافها، واستيعاب كل ما يطرأ ويستجدّ، وتقديم المحتوى الإعلامي المبني على الحقائق، القائم على الثقة والشفافية والمصداقية، والذي يوصل المعلومة للناس بدقّة وفقاً لمنظومة من القيم والمبادئ التي تخدم رسالتها وأهدافها.

ولأن استمرار التطوّر يتطلب استمرار التواصل والتفاعل بين المختصين والمعنيين في هذا القطاع الحيوي، وطرح الأفكار ومناقشتها وتداولها ونقل الخبرات وتبادلها، جاء منتدى الإعلام الإماراتي ليكون التظاهرة الإعلامية السنوية المتميزة، التي تفتح الباب واسعاً أمام المهتمين بالشأن الإعلامي في الإمارات لبحث شؤون القطاع، الذي يُعدّ المرآة التي تعكس صورة الدولة على المستويين الداخلي والخارجي، والقناة الرئيسية التي تتواصل بها ومن خلالها مع العالم، واجتراح الحلول التي تعزز قدرتَه على القيام بدوره على الوجه المأمول.

نسخة المنتدى هذا العام جاءت لتناقش كلّ ما يسهم في تطوير رسالة إعلامية قوية ومؤثرة تواكب المرحلة المقبلة من تاريخ دولة الإمارات، التي دشنت حقبة الخمسين الثانية من عمرها المديد، وتعزز حضورها وتنافسيتها على الساحة الدولية، وهو ما يتطلّب تقديم محتوى قوي ومؤثر عبر كوادر إعلامية متخصصة قادرة على استخدام التقنيات الحديثة.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.