أصدرت المحكمة العليا الأميركية قراراً يسمح للمؤسسات الصحية التي تقدّم الإجهاض في تكساس بمواصلة تحدي قانون جديد يحظر معظم عمليات الإجهاض في الولاية بعد نحو ستة أسابيع من الحمل. غير أنه إذا كانت الأغلبية المحافظة لم تغلق الباب أمام الإجهاض في تكساس بشكل كامل، فإن درجة تصدعها لا تسمح سوى ببصيص من الضوء فقط.
وفي الوقت الراهن، يظل القانون المعني، وهو «مشروع قانون مجلس الشيوخ 8»، مسجلاً بشكل رسمي ضمن قوانين الولاية. وأي شخص يساعد في توفير إجهاض غير قانوني – من الجهة التي تقدّم الإجهاض إلى الشخص الذي يقدّم للمرأة خدمةَ توصيل إلى العيادة – تمكن مقاضاته. فقرار المحكمة العليا في قضية «رو ضد وايد» (1973) أُلغي في الولاية، وقريباً قد لا تصبح هذه الحقيقة الصادمة دائمةً فحسب، ولكنها يمكن أيضاً أن تمتد إلى ولايات أميركية أخرى. 
عنصر أساسي من حقوق النساء واستقلالية الجسد يُختطف الآن على مرأى ومسمع منا! في رأي قضائي، كتبت مؤخراً القاضي سونيا سوتومايور: «إن هذا تحد صارخ لنظامنا الفدرالي. ويمثل صدى لفلسفة جون سي كالهون الذي كان مدافعاً شرساً عن إبقاء الجنوب على العبودية والذي شدد على أن لدى الولايات الحق في نقض أو إبطال أي قانون فيدرالي تختلف معه».
وشخصياً، وجدتُ الإشارة إلى كالهون الذي كان سياسياً من كارولاينا الجنوبية، إشارة صادمةً. أجل، لقد كان من أبرز المؤمنين بالإبطال، أي بفكرة أن الولايات يمكنها إبطال القوانين الفدرالية، لكنه أيضاً ذهب في تبرير العبودية أبعد من مالكي العبيد أنفسهم الذين كانوا يعتبرونها «شراً لا بد منه»، بينما كان هو يرى فيها «خيراً». ففي 1837، قال كالهون في خطاب له أمام مجلس الشيوخ إن العبودية «نشأت مع مجتمعنا ومؤسساتنا وباتت جد متداخلة معهما، لدرجة أن القضاء عليها يعني القضاء علينا كشعب»! وكرر أن العبودية «بدلا من أن تكون شراً هي خير إيجابي»! 

والواقع أن موقف كالهون من العبودية وحقوق الولايات كان جد حاد لدرجة أنه لقِّب بأب الانشقاق والرجل الذي بدأ الحرب الأهلية الأميركية، رغم أنه توفي 11 عاماً قبل بداية الحرب. وفي رأي كالهون، فإن الولايات تمتلك الحقَّ في السيطرة على الأجساد السوداء وقمعها كلما رأت ذلك مناسباً، بغض النظر عن أي مخالفة على المستوى الفدرالي. وكان يرى أن الولايات ينبغي أن تكون قادرةً على اختيار ما إن كانت تريد بقاء العبودية أم لا. 
والحق أنني أرى الكثير من أوجه الشبه كان يحدث قبل قرابة 200 عام وبين ما يحدث الآن، ذلك أني أرى هذا البلد على شفير حرب أهلية أخرى، في وقت يولد فيه الدافع «الكالهوني» من جديد. 
بالطبع هناك اختلافات بديهية وكبيرة، فالحرب الأهلية التي أراها ليست من النوع الذي سيخلِّف مئات الآلاف من الشباب القتلى في المعركة. هذا لا يعني أننا لا نرى موجات عنف، وإنما يعني أن هذه الحرب الجديدة ستخاض في المحاكم وبرلمانات الولايات وصناديق الاقتراع، بدلاً من ساحات القتال. كما أن هذه الحرب لن تتعلق بإخضاع السود فقط، ولكن أيضاً بإخضاع كل مَن يتحدى الأبوية العرقية البيضاء. ذلك أنها ستسعى إلى رفض قبول «الآخرين»: السود، والمهاجرين، المسلمين، واليهود، ومجتمع المثليين، وبالطبع النساء، وخاصة النساء الليبراليات. 
ومن بعض النواحي، تمثّل معركة الإجهاض التي تخاض الآن في المحاكم الأميركية اختباراً لما إذا كانت الولايات ستستطيع التدليل على أنه يمكنها إلغاء حق مدني فيدرالي؟ وهل تستطيع تقديم حجج مقنعة على أن كل ما لم ينص عليه الدستور بشكل صريح ينبغي أن يُحفظ للولايات؟
الواقع أن الدستور الأميركي ظل صامتاً عن بعض الأمور منذ أن حرر في عام 1787، وآخر مرة عدِّل فيها كانت قبل 30 عاماً تقريباً، أي في 1992، عندما صادقت الولايات على التعديل السابع والعشرين. متى مرر الكونجرس أول تعديل؟ كان ذلك في عام 1789! ولأنه لم يكن هناك عدد كاف من الولايات للمصادقة عليه بعد تمريره، فإنه ظل معلقاً بكل بساطة طيلة 200 عام. 
وعليه، ينبغي علينا جميعاً أن نشعر بالقلق العميق بشأن ما نراه يحدث لقضايا الإجهاض هذه، ليس فقط النساء اللاتي قد يحتجن للإجهاض أو أقارب النساء اللاتي قد يحتجن إليه وأصدقاؤهن. بل ينبغي أن نشعر بالقلق أيضاً بشأن ما إن كنا في نقطة تحول نحو عصر تراجع. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»


https://www.nytimes.com/2021/12/12/opinion/were-edging-closer-to-civil-war.html