جمعت قمة النقب التاريخية وزراء خارجية 4 دول عربية ولأول مرة في إسرائيل، مع نظرائهم وزيريْ خارجية اسرائيل والولايات المتحدة، في توقيت دقيق يتزامن مع تسارع الأحداث العالمية، وتداعيات الأزمة الأوكرانية التي أدت لارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، بالإضافة إلى مخاوف المنطقة من قرب إعلان اتفاق إيراني نووي جديد.
جاءت قمة النقب السداسية كفرصة قيمة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، لطمأنة حلفاء الولايات المتحدة التاريخيين بشأن ملف الاتفاق النووي، فالمنطقة باتت تستعد استباقياً لليوم الأول ما بعد الاتفاق النووي، واليوم الأول بعد انتهاء الأزمة الأوكرانية، وما سيجلب الملفين من تغيرات جيوسياسية لإقليم الشرق الأوسط، علماً أن الاتفاق النووي الجديد وصل إلى مراحله الأخيرة، ويبدو أن مسألة شطب الحرس الثوري من قوائم الإرهاب الأميركية، والتبادل التجاري بين روسيا وإيران، يشكلان المطبات الوحيدة لاستكمال الاتفاق.
 الجدير بالذكر أن قمة النقب سبقتها قمة ثلاثية في شرم الشيخ، بحضور قادة مصر وإسرائيل والإمارات، وهم أحد أبرز حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، حيث ناقشوا مخاطر العودة للاتفاق النووي بدون ضمانات أمنية، وتحديات إمكانية إزالة الحرس الثوري من قوائم الإرهاب الأميركية، خصوصاً أن وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان، تحدث علناً حول هذا الملف، حين قال: «إن اسقاط التصنيف الإرهابي الأميركي عن الحرس الثوري، هو ضمن الأمور القليلة العالقة»، مما يؤكد وجود مفاوضات ما بين واشنطن وطهران حول هذه النقطة بالتحديد. 
تزامن وصول وزراء الخارجية لحضور أعمال قمة النقب، مع إعلان الحكومة الإسرائيلية موافقتها على زيادة حصة العمال الفلسطينيين من قطاع غزة إلى 20 ألفاً، تتنوع ما بين مجالات البناء والزراعة، والمعابر وخدماتها، مما يؤكد أن دول الاعتدال العربي تولي أهمية كبيرة لتحسين مستوى معيشة الشعب الفلسطيني، ولكن للأسف جاءت أيادي الإرهاب والتطرف من تنظيم داعش، لترتكب جريمة إرهابية دنيئة في الخضيرة شمال تل أبيب، والتي أدانها كافة وزراء الخارجية المتواجدين في القمة، ولم تستطع هذه الجريمة إيقاف أعمال القمة الناجحة، والتي تقرر تحويلها إلى منتدى سنوي تستضيفه الدول بالتناوب، مع إمكانية زيادة الدول المشاركة.
ومن أبرز مخرجات القمة إنشاء إطار أمني إقليمي، للتعاون ضد الصورايخ الباليستية والطائرات المسيرة والقرصنة في البحر الأحمر، في إشارة واضحة أن اتفاقيات السلام الإبراهيمية ساهمت في إرساء دعائم الأمن والاستقرار، وعززت التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات والنهوض بالمنطقة، من أجل تحقيق حياة آمنة لكافة شعوب المنطقة.
كلمة ستدخل التاريخ، قالها سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، خلال أعمال قمة النقب: «عندما يكون هناك 300 ألف إسرائيلي يزورون الإمارات في السنة والنصف الأخيرة، وفي نفس الوقت هناك مليونان زائر لجناح إسرائيل في إكسبو خلال ستة أشهر فقط، هذا يبين لنا حجم الفضول والرغبة في أن نعرف بعضنا البعض»، وما هذه الكلمات البسيطة الصادقة، إلا تعبير عن مشاعر كل إنسان يبحث عن السلام الحقيقي، والذي يتعزز بالعلاقات بين الشعوب.


* إعلامية وكاتبة بحرينية.