سيشكل يوم 18 مارس 2022، تاريخ بلاغ الديوان الملكي المغربي حول اعتراف إسبانيا بسيادة المغرب على صحرائه، يوماً مشهوداً يكرس لمسلسل النجاحات الدبلوماسية التي رسَّخ دعائمها جلالة الملك محمد السادس في مقولته الخالدة «سيظل المغرب في صحرائه وستظل الصحراء في مغربها إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها». وفي رسالة بعث بها إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أكد رئيس الحكومة الإسبانية السيد بيدرو سانشيز أنه «يعترف بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب». وفي هذا الصدد «تعتبر إسبانيا مبادرة الحكم الذاتي التي تقدَّم بها المغرب سنة 2007 بمثابة الأساس الأكثر جديةً وواقعيةً ومصداقيةً من أجل تسوية الخلاف». 
ويحمل هذا الاعتراف الإسباني دلالات خاصة، لأن مدريد تعرف ما تحت وما فوق حشائش هذا الصراع المفتعل، وكانت طرفاً مستعمِراً للصحراء إلى حدود الاتفاق الثلاثي في نوفمبر 1975، وكانت لها سياسات مناهضة آخرها استقبالها لزعيم جبهة «البوليساريو» للعلاج، وهو ما أدى إلى أزمة دبلوماسية بين الرباط ومدريد.
وجاء هذا الانتصار الدبلوماسي المغربي الكبير في إطار الحكمة الملكية التي أسست لمسيرة دبلوماسية ناجحة حقق من خلالها المغرب نجاحات متتالية، وذلك باعتراف عدد من الدول بسيادة المغرب على الصحراء، وفي مقدمتها الولايات المتحدة. 
وكان جلالة الملك محمد السادس قد دعا في خطاب ثورة الملك والشعب، يوم 20 أغسطس 2021، إلى مرحلة جديدة بين المغرب وإسبانيا، وأكد أن الحوار بين البلدين يحظى بإشراف ملكي مباشر، فكان إعلان 18 مارس 2022 ثمرةً لاستراتيجية تفاوضية قائمة على اتزان فكري وعلى وقائع تاريخية لا يمكن دحضها وعلى مصالح لا يمكن القفز عليها وعلى قواعد يجب أن تحكم العلاقة بين الجيران في ظل بيئة دولية معقدة لا تسمح بالارتجالية ولا بالتآمر ولا بنسيان المصالح المشتركة التي تتطلب الشفافية والتواصل الدائمين، والاحترام المتبادل ورعاية الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين. 
إن هذا الاعتراف الإسباني، وقبله إقرار أميركا بمغربية الصحراء في 10 ديسمبر 2020، وغيرهما من النجاحات الدبلوماسية، يعزز أولوية المبادرة المغربية لمنح حكم ذاتي للصحراء، ويشير إلى أن القوة الدبلوماسية الناعمة للمغرب قائمة على الوضوح والحزم والثبات، وهي التي تعززت بافتتاح عشرات القنصليات العامة في مدينتي العيون والداخلة، بما في ذلك افتتاح دولة الإمارات العربية المتحدة قنصليةً لها في مدينة العيون. كما يجسد افتتاح هذه التمثيليات تعبيراً رسمياً عن اعتراف هذه الدول بمغربية الصحراء، وتكريساً لدور الأقاليم الجنوبية كبوابة للمغرب نحو أفريقيا. وكل هذا يوحي بما لا يدع مجالا للشك بأن المنظومة الدولية تعتقد يقيناً بجدية المبادرة المغربية للحكم الذاتي للحل السياسي بغية إنهاء النزاع المفتعل حول صحرائه، وذلك بتكريس حكم ذاتي موسَّع تحت سيادة المغرب، وفي إطار الوحدة الترابية للمملكة المغربية.

أكاديمي مغربي