الإنسانية هي فلسفة أن تكون ضيفاً لطيفاً ومهذباً على دعوة للعشاء على مائدة الحياة، ويعتقد أنصار الإنسانية أن البشر لديهم أصول طبيعية تطورت بشكل طبيعي مثل جميع الكائنات الحية الأخرى، وأن أصول قدراتنا الأخلاقية تكمن داخل البشر، وأهمية العوامل البشرية وتطورنا كحيوانات اجتماعية بدلاً من النظر إلى الأمور الدينية أو الإلهية أو الروحية، حيث تتجذر الإنسانية في فكرة أن الناس يتحملون مسؤولية أخلاقية ليعيشوا حياةً ترضيهم شخصياً، بينما يساهمون في الوقت نفسه في تحقيق الصالح العام لجميع الناس، كما تؤكد الإنسانية على أهمية القيم الإنسانية والكرامة وأنه يمكن للناس حل المشكلات من خلال استخدام العلم والعقل، وغالباً ما يستخدم مصطلح الإنسانية (Humanism)على نطاق أوسع، ولكن له أهمية أيضاً في عدد من المجالات المختلفة بما في ذلك علم النفس الإنساني، وأطروحات الإنسانية الدينية إلى جانب الإنسانية العلمانية، والتي ترفض جميع المعتقدات الدينية بما في ذلك وجود ما هو فوق الطبيعي. 
وبالنظر إلى التاريخ، كانت النزعة الإنسانية لعام 1900 رؤية متفائلة مستوحاة من المسيرة الثابتة لعلوم الفيزياء، ومستوحاة بشكل غامض من النظرية التطورية الحديثة، ومع ذلك لم تُعط الفيزياء والكيمياء سوى القليل من الإرشادات حول كيفية بناء مجتمع جيد مع تمكين الحروب والدمار البيئي، بينما شهد القرن الماضي وخاصةً الألفية الجديدة ثراءً متزايدًا لعلوم الحياة وأبحاث الطبيعة البشرية، وقد يُثري هذا الانتشار المعرفي النزعة الإنسانية ويشكلها في هذا القرن، وهل البيانات الإنسانية التي تصدر بين الحين والآخر مفرطة في التفاؤل فيما يتعلق بالشخصية الإنسانية! ونحن نشهد الحروب المتتالية التي تحصد أرواح الملايين وتشردهم وتدمر الطبيعة، مما يعكس حقيقة أننا لسنا مجرد أخيار أو أشرار، ولكن غالبًا ما تكون هناك طبقة رقيقة من الكياسة تغطي طبيعة بربرية التي تعود إلى حد ما لطبيعتنا الأولى. 
في حين أن الفلسفة لديها القدرة المفاهيمية على إعادة سحر العالم من خلال انفتاحها على اللغز الأساسي للوجود البشري، ولكنها لا تغطي الفجوات بين النظرية والواقع، ولا تجدها مستساغةً من العامة مقارنةً بالالتزام الديني والأيديولوجي والروحي باعتباره نشاطاً مجتمعياً قادراً على تحريك الجماهير، بل جعلها تفكر بطريقة متشابهة مخيفة مما يضفي شرعية الأغلبية على عدم الرغبة في إخضاع معتقدها للتدقيق العقلاني، كما تعد المجالات الدينية المرتبطة بوجود قوة أو قوى عظمى تتحكم بمفاتيح الكون أمراً مريحاً للغاية للعقل الإنساني لتفسير وجوده في الحياة، ومفاهيم مثل التوبة والمغفرة والندم والحياة الأبدية التي تنتظرنا على الجانب الآخر تجعلنا في منطقة أمان نفسي، وتعافي متجدد من ضغوطات الحياة، ومنطقة راحة مؤقتة لمواجهة الغموض وعدم اليقين وما يغيب عنا كبشر أو يصعب علينا تفسيره بحواسنا، وهي علامة مؤكدة على الضعف البشري، وهي منطقة يسهل فيها التشاؤم، وتتمايز فيها قدرات البشر على التأقلم والتكيّف، وتبنّي أسلحة دفاعية لبقائهم في حيز الأمل وغزو المستقبل والمجهول من خلال المسلمات الدينية.
ولذلك يعد الدين أكبر عيادة نفسية مفتوحة عرفتها البشرية، وإن تم اختراق تلك المنظومة المعنية بحماية الأرواح من الضياع الأزلي من خلال تدخلات بشرية قادت إلى نتائج عكسية في الكثير من الحالات، والعكس صحيح في المجموعات التي تؤمن بالفلسفة الإنسانية والإلحادية، حيث أصبح الإنترنت مرتعاً لها لتجنيد العقول، وسيأتي زمن على البشرية تكافح فيه الإرهاب من خلال التصدي لهذه المفاهيم، والتي سيخرج من عباءتها من ينادون بأنهم منقذو البشرية، وبأنهم من يملك الحقيقة الوحيدة والفكر الأنسب لتتبعه البشرية، وستحاصر البشرية بالكوارث الطبيعية التي هي في الأصل من صنع الإنسان، والتقنيات المتطورة واقتصاديات تقسيم العالم لمصانع متخصصة والبطالة من خلال نوعية الأعمال التي سيعمل فيها البشر فقط للعيش، ومن ثم إتباع الدين الجديد.
كاتب وباحث إماراتي في شؤون التعايش السلمي وحوار الثقافات