«إيلون ماسك» رجل الأعمال الأميركي سعى لمساعدة أوكرانيا من خلال إبقاء الأوكرانيين متصلين بخدمة «ستارلينك للإنترنت» عبر الأقمار الاصطناعية. و«ستارلينك» وحدة تابعة لشركة الفضاء «سبيس إكس» المملوكة لماسك. وتستخدم الخدمة محطات تشبه أطباق التلفزيون المجهزة بهوائيات وعادة ما يتم تثبيتها على الأسطح للوصول إلى «الإنترنت» عبر الأقمار الاصطناعية في المناطق النائية. وحين اندلعت الحرب في أوكرانيا، واجهت الدولة تهديدات بالهجمات الإلكترونية والقصف الذي يؤدي إلى تعطيل «الإنترنت». وهذا جعل من الضروري وضع خطة احتياطية. ولذا غرد وزير التحول الرقمي في البلاد، «ميخايلو فيدوروف»، على «تويتر» مخاطباً «ماسك» مباشرة يحثه على إرسال المساعدة. وأجاب «ماسك» بعد ساعات قليلة قائلاً: «خدمة ستارلينك نشطة الآن في أوكرانيا.

والمزيد من المحطات في الطريق». وصرح فيدوروف لـ«واشنطن بوست» يوم الجمعة «18 مارس» بأن أوكرانيا تلقت بالفعل آلاف الهوائيات من شركات ماسك وحلفائه الأوروبيين، وهذا أثبت أنه «فعال للغاية». وتحدث فيدوروف باستخدام اتصال «ستارلينك» من مكان لم يكشف عنه قائلاً «جودة الرابط ممتازة، نحن نستخدم آلاف المحطات وستصل شحنات جديدة».

ويرى خبراء إن استخدام «ستارلينك» كإجراء مؤقت للمواطنين والحكومة للبقاء على اتصال أثناء الغزو هو اختبار رئيسي للتكنولوجيا الجديدة نسبياً، وقد تكون له تداعيات واسعة النطاق على مستقبل الحرب. وأصبحت «الإنترنت» أداة أساسية للتواصل والحصول على المعلومات بل وتشغيل الأسلحة. وهذا اختبار لماسك أيضاً. فقد اعتاد أغنى رجل في العالم الذي تقدر قيمة ثروته بنحو 232 مليار دولار وفقاً لمؤشر بلومبيرج لأصحاب المليارات، على إطلاق وعود وتصريحات قوية على «تويتر» في خضم الأزمات العالمية.

ولم ينفذ ماسك بعض التعهدات السابقة، بما في ذلك صنع أجهزة تنفس الصناعي لمرضى فيروس كورونا والمساعدة في إنقاذ أطفال تايلانديين عالقين في كهف. لكن هذه المرة، يؤكد فيدوروف وخبراء أن ماسك حقق ما وعد به. وذكرت تقارير أن مسؤولي «تسلا» في أوروبا جهزوا أنظمة للمساعدة في تشغيل ستارلينك في أوكرانيا. وذكر فيدوروف إن دولاً أوروبية أخرى أرسلت معدات «ستارلينك» من عتادها الخاص.

وذكر خبراء أن انقطاع «الإنترنت» قد يكون سببه انقطاع التيار الكهربائي أو قطع كابلات الألياف الضوئية نتيجة القصف. ويستخدم مدنيون ومسؤولون حكوميون تكنولوجيا «ستارلينك» في مناطق تعرضت للهجوم وانقطعت فيها خدمة «الإنترنت». كما تم توفير محطات «ستارلينك» لمساعدة شركات التكنولوجيا في البلاد لاستمرار اتصالها بـ«الإنترنت» بعد أن أجبرتها الحرب على الانتقال.

وذكرت صحيفة «تايمز» اللندنية أن وحدة أوكرانية تستخدم «ستارلينك» لتشغيل طائراتها دون طيار. ونمت «ستارلينك» بسرعة في السنوات القليلة الماضية، متخطية منافسي إنترنت الأقمار الاصطناعية الآخرين بإطلاقها أكثر من 1000 قمر اصطناعي في الفضاء. ويستطيع الأشخاص شراء الخدمة عبر الإنترنت مقابل 99 دولاراً شهريا، بالإضافة إلى 499 دولاراً للمعدات، لكن «ستارلينك» تنبه إلى أن الشحن قد يستغرق ستة أشهر أو أكثر في بعض الحالات.

وصرح مصدر مطلع على جهود «ستارلينك» في أوكرانيا أن البلاد فيها أكثر من 5000 محطة. لكن خبراء يعتقدون أن توافر شبكة كبيرة من «ستارلينك» قد لا يكفي لإبقاء دولة بأكملها متصلة بسرعة كاملة بـ«الإنترنت». لكن محطات «ستارلينك» قد تمثل نسخة احتياطية يمكن الاعتماد عليها حين تتعثر خدمات «الإنترنت».

وذكر فيدوروف أنه وطاقمه يناقشون مع قادة وشركات أوروبية أخرى تقنيات إضافية للأقمار الاصطناعية والهواتف المحمولة يمكنها المساعدة في إبقاء الأوكرانيين متصلين في حالة حدوث انقطاع أكبر لـ«الإنترنت». وحتى قبل أن يناشد فيدوروف ماسك على «تويتر» طلباً للمساعدة، كانت «سبيس إكس» تسعى لإيصال «ستارلينك» إلى أوكرانيا. وصرح جوين شوتويل، رئيس ومدير عمليات «سبيس إكس» في وقت سابق من الشهر الجاري بأن الشركة تعمل منذ عدة أسابيع للحصول على موافقة الجهات التنظيمية للسماح للأقمار الاصطناعية بالاتصال في أوكرانيا.

وهناك بعض المخاوف المصاحبة لاستخدام محطات «ستارلينك». فقد ذكر خبراء إن إشارات «ستارلينك» يمكن استخدامها للكشف عن موقع الهوائيات. ولم يتضح مدى قدرة روسيا على استخدام الإشارات لاستهدافها بهجمات، لكن ماسك نصح بتوخي الحذر على «تويتر». وكتب على تويتر قائلاً «تحذير مهم: «ستارلينك» هو نظام الاتصالات الوحيد غير الروسي الذي لا يزال يعمل في بعض أجزاء أوكرانيا، لذا فاحتمال استهدافه مرتفع».

وأضاف أنه يجب على المستخدمين تشغيل الجهاز عند الحاجة فقط ووضعه في مكان بعيد عن الناس. وذكر فيدوروف أن الخبراء حذروا من أن الأجهزة قد تكشف مواقع الأوكرانيين للمهاجمين الروس. وأضاف فيدروف أن الأجهزة تستخدم عادة في «مناطق مكتظة بالسكان حيث يوجد الكثير من المدنيين على أي حال». وذكر فيدوروف أنهم «مشغولون للغاية في الوقت الحالي فيما يبدو بمهاجمة المواقع الإلكترونية لبلداتنا وقرانا الصغيرة. ولم يصلوا بعد إلى تلك المرحلة فيما اعتقد».

ريتشل ليرمان وكات زاكريسكي*

*صحفيتان متخصصتان في شؤون التكنولوجيا.

ساهم في هذا التقرير كريستيان دافنبورت وكريج تيمبيرج وجوزيف مين.

ينشربترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»