طه حسيب- «الاتحاد»
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
نظمت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التابعة للأمم المتحدة اجتماعاً حول التحول الأزرق ومساهمته في مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في مقاومة التغير المناخي لدول مجلس التعاون الخليجي واليمن. وقد تم استضافة هذا الحدث في ملتقى الأمم المتحدة لمعرض إكسبو 2020 دبي يوم الثلاثاء 22 فبراير 2022، خلال أسبوع «الغذاء والزراعة وسبل العيش» بحضور ممثلين رفيعي المستوى من دول مجلس التعاون الخليجي واليمن.
وقدم المشاركون من خلال مداخلات حضورية، وأيضاً عن بُعد عبر تقنية الاتصال المرئي، تجارب بلدانهم في الاستزراع السمكي والتحديات التي يواجهونها في هذا القطاع، وتضمنت الفعالية مداخلات من المملكة العربية السعودية ودولة الكويت وسلطنة عمان. وتوصل المشاركون إلى نتائج أهمها أن الابتكار والتكنولوجيا هما المحركان الرئيسان لتحويل الأنظمة الأغذية المائية، وأن التحول الأزرق، كنهج جديد لإنتاج المزيد من الغذاء من المحيطات والبحار يضع أهدافاً طموحة لتربية الأحياء المائية المستدامة لتكون أكثر إنتاجية.
وخلال الاجتماع تم تسلط الضوء على مدى تأثر شبه الجزيرة العربية بشكل خاص بمشكلة التغيير المناخي، سواء كان ذلك من حيث التنوع البيولوجي أو فقدان الإنتاجية، أو ارتفاع مستوى سطح البحر، أو التعرض لظواهر الطقس المتطرفة. والغرض الرئيس من هذا الاجتماع هو السماح للبلدان بالتعبير عن احتياجاتها وأولوياتها فيما يتعلق بآثار تغير المناخ المتوقعة على قطاعات إنتاج الأغذية المائية لديها.
نوه الدكتور دينو فرانسيسكوتي موتيس المنسق الإقليمي الفرعي للفاو وممثل منظمة الأغذية والزراعة في دولة الإمارات العربية المتحدة «على الرغم من أن الأسماك لديها أقل بصمة كربونية بين جميع السلع الغذائية، إلا أن مصائد الأسماك وتربية الأحياء المائية هي في طليعة تغير المناخ».
فرصة «كوب27» و«كوب 28»
أضاف مساعد المدير العام لمنظمة الفاو والممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال أفريقيا الدكتور عبد الحكيم الواعر: «إن مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ 27 في مصر وفي الإمارات العربية المتحدة 28 يمثلان فرصة ذهبية لتطوير حلول مقاومة للمناخ تتيح لنا أن ننتج أكثر وأفضل، لكن أصحاب المصلحة من قطاع مصائد الأسماك وتربية الأحياء المائية ليسوا بالضرورة على دراية بالمناقشات المتعلقة بتغير المناخ، وبالتالي فإن أصواتهم واحتياجاتهم لا يتم التعبير عنها بشكل جيد في عمليات صنع السياسات المناخية، وللمنظمة دور تلعبه في ربط أصحاب المصلحة الوطنيين بالعمليات المناخية الدولية».
خلال الاجتماع، قدم البروفيسور مانويل بارانج، مدير قسم مصائد الأسماك وتربية الأحياء المائية في منظمة الأغذية والزراعة مفهوم التحول الأزرق، أحد مجالات الأولوية العشرين الجديدة لبرنامج الفاو الذي يهدف إلى بناء مصائد الأسماك وتربية الأحياء المائية المستدامة والقادرة على التكيف مع التغير المناخي. صرح السيد بارانج أن «الابتكار والتكنولوجيا هما المحركان الرئيسيان لتحويل أنظمة الأغذية المائية»، مضيفًا أن «التحول الأزرق يضع أهدافاً طموحة لتربية الأحياء المائية المستدامة لتكون أكثر إنتاجية، ولإدارة مصايد الأسماك بشكل أفضل ولإدارة سلاسل القيمة السمكية بطريقة أكثر كفاءة وقابلية للتطبيق وشمولية».
قال ليونيل دابادي، كبير مسؤولي مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية «لقد تم إعلان عام 2022 السنة الدولية للمصايد الحرفية وتربية الأحياء المائية، لكن صغار الصيادين ومزارعي الأسماك في البلدان النامية هم من بين الأكثر عرضة لتغير المناخ». ويرى أن هناك فرصة لرفع مستوى الوعي حول هذه القضية وأهمية قطاع أصحاب الحيازات الصغيرة الذي قد يكون صغير الحجم، ولكنه ذو قيمة كبيرة.
الهدف 14
سيواصل مكتب الفاو دون الإقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي واليمن دعمه للبلد والأطراف المقابلة للتقدم نحو الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة، وهو «الحياة تحت الماء»، وهو أحد أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي وضعتها الأمم المتحدة في عام 2015. ويتضمن الهدف «الحفاظ على المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة».
«التحول الأزرق»
وفي تصريح لـ«الاتحاد»، أكد «ليونيل دابادي»، كبير مسؤولي مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في «الفاو»، أن التحول الأزرق هو نهج جديد لإنتاج المزيد من الغذاء من المحيطات والبحار من خلال تشجيع تربية الأحياء المائية، وتحقيق إنتاج أفضل، وتجنب الصيد الجائر، وذلك من خلال تنفيذ ممارسات الإدارة الجيدة، ولكن أيضاً من خلال الإنتاج بطريقة أفضل عن طريق تجنب إهدار الغذاء ومن خلال إشراك الشباب في سلاسل القيمة.
وأشار «دابادي» إلى أن تغير المناخ له تأثير كبير، وله تأثير على التنوع البيولوجي لأنه يغير البيئة، لذا فإن أنواع الأسماك التي اعتادت على البيئة السابقة لن تكون قادرة على البقاء بالبيئة المتغيرة. كما أنه يؤثر أيضاً على الهجرة، لأن بعض أنواع الأسماك التي كانت تولد في تلك البيئة ستغادر المنطقة وتذهب إلى أماكن أخرى، مما يؤثر على الإنتاجية. كما أنه سيؤثر أيضاً على سبل عيش جميع الناس لأنه سيكون هناك المزيد من الكوارث، والمزيد من الأعاصير، والمزيد من الكوارث المناخية، لذا فقد فات الأوان اليوم لتجنبه، والآن ينبغي التكيف معه، والتقليل والحد من تداعياته.
البيئة ومصائد الأسماك
ولدى «دابادي» قناعة بأنه يتعين علينا الآن التكيف، وهذا يستوجب الاستعداد بشكل أفضل. لذلك نحن بحاجة إلى الاستثمار في المزيد من الأبحاث واتخاذ القرارات الصحيحة مع جميع الأشخاص لإيجاد وسيلة للحصول على طريقة أكثر استدامة في البيئة الجديدة بعد تغير المناخ. وأكد «دابادي» أن أفضل طريقة لحماية التنوع البيولوجي للأسماك هي تنفيذ إدارة مصائد الأسماك، وللقيام بذلك، فإن الوسيلة الوحيدة هي إشراك الصيادين.
مصائد الأسماك والصيادون هم على خط المواجهة لحماية بيئتهم، وعندما يكون لديك صيادون في العالم يشاركون جيداً في تطوير السياسات وإدارة المصائد بكفاءة، فإن هذا يسمح بحماية البيئة. وإذا تم تدمير البيئة من قبل بسبب الصيد الجائر، ستتم استعادة النظام بعد تفعيل إدارة جيدة لمصائد الأسماك. لذا فإن أفضل طريقة بالتأكيد هي محاولة بناء الوعي بأهمية إدارة المصائد وأهمية إشراك جميع الناس، وخاصة الصيادين خاص صغار الصيادين في هذا المجال.
«السنة الدولية لمصائد الأسماك»
ويقول «دابادي»: إن أحد القطاعات المهمة هو صغار الصيادين ومزارعي الأسماك لأنهم يوفرون لنا هذا الطعام، لكن لم يتم التعرف على هؤلاء بشكل جيد، وهذا هو السبب في إعلان الأمم المتحدة عن أن 2022 هو السنة الدولية لمصائد الأسماك وتربية الأحياء المائية من أجل زيادة الوعي بهذا القطاع، ما يعني أولاً الكثير من الجهد لبناء المهارات والتدريب، وبناء القدرات للحكومات من أجل الاعتراف بشكل أفضل بأهمية قطاع مصائد الأسماك.. أحد الأمثلة على ذلك هو التدريب على السلامة في البحر، وفي هذا الإطار أكد «دابادي» أن صيد الأسماك يعد من أخطر القطاعات الانتاجية في العالم. وكل يوم لدينا أشخاص يموتون في البحر، لذلك ما فعلناه هو وضع إرشادات للتأكد من أنه يمكننا تقليل هذه الوفيات، وزيادة استعداد الناس حتى لا نتعرض للكثير من الحوادث وما قمنا به أولاً ترجمة هذه الإرشادات إلى اللغة العربية لجعلها في متناول الناس، وكذلك لتنظيم التدريب للأشخاص لمعرفة كيفية تنفيذ هذه الإجراءات.
رسائل«التحول الأزرق»
وأكدت أسمهان الوافي كبيرة علماء«الفاو»أن إمكانات التحول الغذائي، والتحول الأزرق في المنطقة كبيرة. وتمحورت مداخلتها حول ثلاث رسائل: الإمكانيات المتاحة، والتنوع البيولوجي، والشراكة.