أظهر العدوان الحوثي على الإمارات، حاجة الحوثيين للتغطية على هزائمهم في شبوة، وإلهاء أنصارهم عن حقيقة وضع زعيمهم عبد الملك الحوثي، الذي على ما يبدو أصيب في إحدى الغارات.

هزائم «الحوثيين» أكدت نجاح الاستراتيجية الإماراتية في اليمن، فما قام به الحوثيون هو ردة فعل تكتيكية فاشلة، لأنه لو كان هذا العدوان نتيجة خطة استراتيجية، لما تسرعوا في العدوان على الإمارات، فعمليات «ألوية العمالقة» كانت في الغالب ستتوقف بعد التقدم في مأرب، لكن كان «الحوثيون» في حاجة لحدث عدواني ليتم تضخيمه واستغلاله إعلامياً لبث الثقة والحماس بين قواتهم.

إن نجاح الاستراتيجية الإماراتية في اليمن يكمن في فهمها لطبيعة هذا البلد وتركيبته السكانية، فاليمن على أرض الواقع يعاني من استقطابات حادة تجعله ليس متماسكاً كدولة واحدة، فهناك شمال وجنوب، وهي الحقيقة التي يدركها كافة الفرقاء اليمنيين، وعلى رأسهم «الحوثيون».

فتاريخياً قد تم يمننة الجنوب، حيث كان اسمه الأصلي الجنوب العربي، الذي لم يكن لفترات طويلة، جزءاً من اليمن، باستثناء الفترة البسيطة التي تعرف بالوحدة بين الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في عام 1990، وهي الوحدة التي أدرك الجنوبيون تداعياتها. كذلك طبيعة سكان أهل الجنوب تختلف تماماً -خاصة من ناحية نسبة ونوعية التعليم- عن أهل الشمال، المنغلقين بدرجة كبيرة، وكان التعليم مقصوراً على المدارس الدينية.

فالإمارات مدركة تماماً لكل هذه الاختلافات، لذلك عندما توزعت مهام التحالف العربي في اليمن، ركّزت الإمارات على أهل الجنوب لأنهم أهل للثقة والمتمثل بدعم ألوية العمالقة العسكرية الجنوبية في شبوة لتصحيح وضع خطير، ناتج عن تخادم «الإخوان المسلمين» في اليمن مع «الحوثيين».

وبالفعل، نجحت الاستراتيجية الإماراتية في تحرير محافظة عدن، ومناطق واسعة في جنوب البلاد، وصد التقدم «الحوثي» في محافظة تعز، والساحل الغربي، كما نجحوا بدعم جوي من التحالف في تحرير كامل لمحافظة شبوة، والتقدم داخل محافظة مأرب، وبالتالي تكبد «الحوثي» خسائر كبيرة، ولم يستطع بالخروج من هذه الهزائم سوى المحاولة العبثية، بالعدوان المباشر على الإمارات، كتعويض عما لحق به ليتم استغلال الحدث بخطاب إعلامي مبالغ فيه لإظهار قوته الفقاعية.

وللاستثمار بهذه الانتصارات، على التحالف العربي التحرك على المستوى العسكري والدبلوماسي لكشف فظاعات «الحوثي»، فقد أظهر العدوان «الحوثي» وما تلاه من تضامن عالمي مع الإمارات نجاح الدبلوماسية الإماراتية، من خلال التأييد العالمي والإقليمي المتمثل بتضامن مجلس الأمن الدولي بجميع أعضائه، ورابطة العالم الإسلامي، والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، لكن ستتكلل الدبلوماسية الإماراتية بالنجاح عند إعادة «الحوثيين» على القائمة الأميركية للجماعات الإرهابية الأجنبية.

أما بالنسبة للشأن العسكري، فعلى التحالف العربي والشرعية ضبط الحدود البحرية والبرية لقطع الطريق على وصول المعدات العسكرية والأسلحة والمحاربين إلى «الحوثيين»، كذلك يجب إصلاح السلطة الإدارية والأمنية في المناطق المحررة، والاستمرار في دعم أهل الثقة والكفاءة.

* باحثة سعودية في الإعلام السياسي