تحركت دولة الإمارات من أجل إدراج جماعة «الحوثي» في قائمة الإرهاب الأميركية بعد الهجوم «الحوثي» الإرهابي بطائراتٍ مسيرة وصواريخ باليستية على منشآت ومناطق مدنية في دولة الإمارات، في 17 يناير الجاري، ما أدى إلى انفجار ثلاث شاحنات وقود أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص، واندلاع حريق في منطقة الإنشاءات في مطار أبوظبي.

وتعزز التحرك الإماراتي عقب تكرار الحوثيين هجومهم بصاروخين باليستيين على أبوظبي، تم اعتراضهما بنجاح. وكانت إدارة الرئيس دونالد ترامب قد أدرجت الحوثيين «جماعة إرهابية» في 19 يناير 2021، أي قبل يوم واحد من انتهاء ولايتها. بيد أنّ الرئيس جو بايدن ألغى قرار سلفه، بعد أقل من شهر على توليه منصبه. وبرر بايدن تلك الخطوة بأن استمرار قرار الإدارة السابقة بشأن الحوثيين «يحد من إيصال المساعدات الإنسانية للشعب اليمني». وفي ردها على الطلب الرسمي الإماراتي، أشارت إدارة بايدن، في 19 يناير، إلى أنها تفكر في إعادة تصنيف جماعة «الحوثيين» منظمة إرهابية، أو أنه قيد الدراسة.

ومنذ ذلك الحين، جرت مياه كثيرة من تحت الجسور، لعل أهمها تكرار «الحوثيين» هجماتهم الإرهابية ضد أهدافٍ ومناطق مدنية في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وتراكم ضغوط المشرعين الأميركيين على إدارة بايدن لإعادة تصنيف «الحوثيين» منظمة إرهابية أجنبية، وتأكيد وزارة الدفاع الأميركية نفس المعنى.

والأهم من ذلك أنّ الإدارة الأميركية تأكدت أنّ قرار رفع الجماعة من قائمة الإرهاب كان قراراً غير ملائم، فقد أعطى إشارة للتنظيم الإرهابي بأنه قادر على الإمعان في مشروعه الإرهابي والتخريبي بعد اعتراف الولايات المتحدة به كفاعل دولي. والدليل على ذلك هو أنّ الهجمات الحوثية ضد أهدافٍ في اليمن والسعودية والخليج زادت بدرجة كبيرة بعد قرار الرئيس بايدن.

وفي هذا الخصوص، أشار مركز ستراتفور للدراسات الأمنية والاستخباراتية – وهو مقرب من الإدارة الأميركية - أن الهجوم «الحوثي» على أبوظبي سوف يؤدي إلى دعم عسكري ودبلوماسي أميركي للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، ويضع ضغوطاً جديدة على «الحوثيين»، ليس أقله إعادة جماعة «الحوثي» إلى قائمة المنظمات الإرهابية. بعبارة واحدة، فإنّ الرأي الغالب الآن أنّ إعادة إدراج «الحوثيين» إلى قائمة الإرهاب الأميركية أصبحت قاب قوسين أو أدنى.

ومن ثم يثور التساؤل عن ماهية الآثار التي يمكن أنْ تترتب على إدراج «الحوثيين» في قائمة الإرهاب الأميركية. بادئ ذي بدأ، يؤدي الإدراج على لائحة الإرهاب إلى إعادة هيكلة عملية التسوية السياسية للصراع اليمني، حيث لن يكون «الحوثيون» طرفاً فيها. وسوف يؤدي ذلك إلى تقوية موقف الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي في التسوية السياسية حول مستقبل اليمن، ومن ثم تقوية حظوظ استعادة النظام اليمني الشرعي، وفقاً لاتفاق الرياض (2019) بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي.

وثمة وجهة نظر أخرى، في هذا الخصوص، تتعلق بأنّه ربما يكون غرض التحرك الإماراتي من إدراج «الحوثيين» على قائمة الإرهاب الأميركية هو تكثيف الضغط عليها من أجل القبول بتسوية سياسية للصراع في اليمن، وتغيير سلوكها الإرهابي. فإذا فعلت، سوف يتم قبولها طرفاً في تسوية سياسية يسعى إليها ليس فقط التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وإنما أيضاً المجتمع الدولي.

علاوة على ذلك، فإنّ إدراج جماعة «الحوثي» في قائمة الإرهاب الأميركية سوف يجعل من الصعب دبلوماسياً على واشنطن وحلفائها دعم محادثات حكومة هادي مع جماعة إرهابية، فذلك يجعل الولايات المتحدة طرفاً في النزاع. كما يؤدي إلى الحد من قدرة الوسطاء على العمل مع الحوثيين، لدرجة أن تقديم المشورة لهم أو استقبالهم يمكن اعتبارها «دعماً مادياً».

وربما من غير قصد، يؤدي إدراج جماعة «الحوثي» في قائمة الإرهاب إلى إنهاء الوساطة المتعلقة بالإفراج عن السفينة الإماراتية المختطفة «روابي» وبكامل حمولتها ذات الطابع الإنساني غير القتالي. والأهم من ذلك أنّ إدراج «الحوثيين» على لائحة الإرهاب يجعل استهدافهم أمراً مشروعاً، أي تقوية المشروعية الدولية لعملية «حرية اليمن السعيد»، التي انطلقت في 13 يناير الجاري. كما أنّ هذا الإدراج سوف يؤدي إلى إضعاف مشروعية اتفاقية استوكهولم بشأن مدينة الحديدة الموقع في ديسمبر 2018.

والخلاصة أنّه اتضح الآن أكثر من أي وقت مضى أنّ الأعمال الإرهابية التي تنفذها جماعة «الحوثي» ضد أهدافٍ يمنية أو سعودية أو إماراتية لها مضامينٌ وانعكاساتٌ خطِرة على الأمن والسلم الدوليين (استهداف المدنيين في دول يعيش على أراضيها مواطنون ينتمون إلى كل دول العالم تقريباً)، وحركة الملاحة في الممرات المائية الحيوية بالمنطقة (اختطاف السفن المدنية وأعمال القرصنة)، بل والتجارة الدولية وأمن الطاقة العالمي (استهداف محطات إنتاج النفط وتكريره)، والتي تستدعي المجتمع الدولي أنْ يقوم بواجبه للحد من خطورة جماعة «الحوثي»، وإعادة تصنيفها جماعة إرهابية، وإدراجها ضمن المستهدفين في الحرب على الإرهاب.

*خبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية