تتأهب صناعة العملات الرقمية للتصدي لحملة إجراءات تنظيمية وتنفيذية هذا العام. وتستعد الصناعة لضخ الأموال في قنوات واشنطن، واجتذاب شركات الضغط، وتشكيل اتحادات، في محاولة لكبح القواعد الجديدة.

وبعد عقد من ضعف اهتمام الجهات التنظيمية، تواجه شركات العملات الرقمية ضغوطًا متزايدة لتوظيف جماعات ضغط في واشنطن للقيام بدور الدفاع. وأوضحت هيئة الأوراق المالية والبورصات، ولجنة تداول السلع الآجلة، أنهما ستتخذان المزيد من الإجراءات ضد شركات تنتهك قواعدهما.

وأعلنت مصلحة الضرائب ومكتب مراقب العملة ومجلس الاحتياط الاتحادي اعتزامهم إصدار قواعد جديدة قريباً قد تؤثر كثيرا على أرباح الصناعة. وفي وقت قريب، قد يكون في هذا الشهر، يتوقع أن تبدأ وزارة الخزانة الإعلان عن الشركات التي يتعين عليها تقديم معلومات المستخدم بموجب مشروع قانون البنية التحتية.

وفي وقت مبكر من هذا العام، من المرجح أيضاً، أن يصدر مجلس الاحتياط الاتحادي تقريراً طال انتظاره عن مدى توافق الدولار الرقمي في خطط الولايات المتحدة طويلة الأجل مع نظام مدفوعاتها. وقد تصدر وكالات مختلفة إرشادات ذات صلة حول كيفية تعاملها مع «العملات المستقرة»، وهي العملات الرقمية المرتبطة عادة بالدولار.

وأعلنت هيئة الأوراق المالية والبورصات أيضاً اعتزمها اتخاذ إجراءات أخرى ضد شركات العملات الرقمية التي تدعي أنها تصدر أو تتعامل في الأوراق المالية دون تسجيل في الهيئة. والتراجع في الآونة الأخيرة في سعر «بتكوين»، وعملات افتراضية أخرى قد يعزز الضغط على الجهات المنظمة، مع تكبد بعض المستثمرين خسائر فادحة. وزاد سعر «بتكوين» يوم الاثنين، 10 يناير، قليلاً عن 41 ألف دولار، متراجعاً 40% تقريباً عن أعلى مستوى وصل إليه في نوفمبر الماضي.

والأسبوع الماضي، وظفت شركة «دابر لابز Dapper Labs»، مقرها فانكوفر، وهي تساعد في إنشاء وبيع الرموز غير القابلة للاستبدال، أول شركة ضغط خاصة بها، وهي شركة «كروس رودز استراتيجيز Crossroads Strategies». وذكر مصدر مطلع أن الشركة وظفت في الآونة الأخيرة شركة الضغط «إف. إس. فيكتور FS Vector» رغم أنها غير مسجلة.

وفي نوفمبر الماضي، تم تسجيل أول جماعة ضغط تعمل لصالح شركة «سيركل إنترنت فاينانشيال Circle Internet Financial» التي تتداول في العملات المستقرة. كما وظف أحد منافسي «سيركل إنترنت فاينشيال» وهي شركة «باكسوس تراست Paxos Trust Co» في الآونة الأخيرة شركتها الأولى للقيام بدور جماعة الضغط. كما سجلت شركة «ماراثون ديجيتال هولدينجز Marathon Digital Holdings» لتعدين العملات الرقمية أيضاً أول شركة لممارسة الضغط لصالحها في الأيام القليلة الماضية.

وصرح بعض المديرين التنفيذيين في مجال العملات الرقمية أنهم يكثفون أيضاً التبرعات السياسية في محاولة لانتخاب مرشحين يعتقدون أنهم سيدعمون على الأرجح السياسات المؤيدة للعملات الرقمية.

وفي ليلة رأس السنة الجديدة، حث جيسي باول، الرئيس التنفيذي لشركة «كراكين Kraken» لتداول العملات الرقمية، متابعيه على تويتر على تقديم أفكار للمساهمات في الحملات وتشكيل قائمة من 15 مرشحاً لتقديم أقصى تبرع مسموح به.

وذكر باول الذي تعد شركته رابع أكبر بورصة للعملات الرقمية، أنه قدم أموالاً للجان الحملات الانتخابية للجمهوريين، بما في ذلك حملة مرشح مجلس الشيوخ في أوهايو، جوش ماندل. وأيضا قدم دعماً لمرشحين ديمقراطيين مثل رو خانا، النائب عن ولاية كاليفورنيا. وسرعان ما أصبحت التبرعات من المديرين التنفيذيين لشركات العملات الرقمية مصدراً مهماً للمال لبعض المشرعين.

وفي الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2021، جاء حوالي ثلث المساهمات في لجنة الحملة الانتخابية للمرشحة «الجمهورية» في مجلس الشيوخ عن ولاية وايومنج، سينثيا لوميس، من مديرين تنفيذيين أو مستثمرين في العملات الرقمية.

وذكرت «لوميس» أنها تعتزم هذا العام التقدم بتشريع يسمح لشركات العملات الرقمية بإنشاء منظمة ذاتية التنظيم خاصة بها، بالإضافة إلى بنود أخرى. وكان من بين الجهات المانحة لحملتها العام الماضي، تشارلز كاسكاريلا، الرئيس التنفيذي لشركة «باكسوس» للعملات المستقرة، ودبليو برادفورد ستيفنز، من شركة «بلوكتشين كابيتال» الاستثمارية.

وحصل الديمقراطيون أيضا على مساهمات بمئات الآلاف من الدولارات من المديرين التنفيذيين أنفسهم في الغالب.

وفي الأشهر التسعة الأولى من 2021، تلقت سناتورة ولاية أريزونا، كيرستن سينيما التي دشنت مع السناتورة لوميس تكتل الابتكار المالي في مجلس الشيوخ الأميركي، ما لا يقل عن 107100 دولار من مديرين تنفيذيين ومستثمرين في مجال العملات الرقمية. وأنفقت شركة «كوينبيز جلوبال Coinbase Global Inc»، وهي أكبر بورصة للعملات الرقمية في الولايات المتحدة، 625 ألف دولار في الربع الثالث من العام الماضي، صعوداً من 60 ألف دولار في 2020، وفقاً لأحدث البيانات المتوافرة.

وذكر «اتحاد بلوكتشين» إنه أنفق 210 آلاف دولار، أي ما يقرب من مثلي ما أنفقته في 2020. وتعلق جزء كبير من نشاط ذاك الربع بظهور مشروع قانون البنية التحتية للعام الماضي البالغة تكلفته تريليون دولار، والذي تضمن بشكل غير متوقع التزامات جديدة بشأن إعداد التقارير الضريبية.

وذكر بعض المدافعين عن العملات الافتراضية أن مسعى العام الماضي بدأ يثمر. ففي ديسمبر، لم تشهد جلسة استماع للجنة الخدمات المالية بمجلس النواب بشأن العملات الرقمية إلا هجمات قليلة للغاية من المشرعين.

وترى «كريستين سميث»، المديرة التنفيذية لـ «اتحاد بلوكتشين» الذي تضاعف عدد أعضائه ليبلغ 70 عضواً العام الماضي أن «النبرة حول العملات المشفرة في واشنطن تجاوزت منعطفاً إلى الأفضل». وأضافت أن الاتحاد يدأب على التواصل مع المشرعين الذين يعملون على تشريعات خاصة بالعملات الرقمية ومع الوكالات التي تضع قواعد متطلبات الإبلاغ الضريبي وأحكام مكافحة غسل الأموال، من بين قضايا وخطط أخرى لتكثيف اجتماعاته مع المشرعين العام الجاري.

*صحفي أميركي متخصص في الشؤون الاقتصادية.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»