ذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» في الأيام القليلة الماضية أنه سيُسمح للأميركيين الفلسطينيين بالهبوط في مطار بن غوريون الإسرائيلي في طريق انتقالهم إلى الضفة الغربية، بدلاً من مطالبتهم بعبور جسر اللنبي من الأردن. وتعرض إسرائيل إجراء هذا التغيير في معاملتها للأميركيين الفلسطينيين من أجل الانضمام إلى برنامج الإعفاء من التأشيرة الأميركي.

وإذا نجحت إسرائيل، فسيتمكن مواطنوها من السفر إلى الولايات المتحدة بلا تأشيرة، وهي مكانة مميزة سعت إسرائيل إلى الحصول عليها منذ إنشاء برنامج الإعفاء من التأشيرة.

وأحد الأسباب الرئيسية لعدم تحقق هذه المكانة، على الرغم من الضغوط المستمرة من مؤيدي إسرائيل في واشنطن، هو أن كل دولة تنضم إلى برنامج الإعفاء من التأشيرة يجب عليها ضمان المعاملة بالمثل - أي ضمان معاملة جميع الأميركيين دون تمييز، لأن الولايات المتحدة توافق على الأمر نفسه تجاه مواطني الدولة الأخرى. وهناك أدلة واضحة على تورط إسرائيل على مدى عقود في معاملة غير جيدة لمواطني الولايات المتحدة من أصل عربي ممن يسافرون إلى الدولة العبرية.

وتشير قصة «جيروزاليم بوست» إلى استعداد إسرائيل لتلبية بعض المتطلبات الأميركية على الأقل. لكن هذه الخطوة الإسرائيلية مشكوك فيها وغير كافية على الإطلاق. فالأمر مثير للشكوك، لأنه في عام 2014، وهي المرة السابقة التي ضغطت فيها إسرائيل لدخول البرنامج، نشرت صحيفة «هآرتس» تقريراً بعنوان «إسرائيل للولايات المتحدة: سنخفف الموقف من الفلسطينيين الأميركيين، إذا انضممنا إلى برنامج الإعفاء من التأشيرة».

وألقى الإسرائيليون حينذاك باللوم على اتفاقات أوسلو لرفضها السماح للأميركيين الفلسطينيين بالسفر إلى مطار بن غوريون، زاعمين أن شرط عبور جسر اللنبي يستند إلى احترام الاتفاقات والسلطة الفلسطينية.

لكن لا وجود لمثل هذا البند في اتفاقات أوسلو. وبعد سبع سنوات، لم يجروا أي تعديلات. والخطوة الإسرائيلية الموعودة غير كافية على الإطلاق. فصحيح أن تمكن الأميركيين الفلسطينيين من السفر إلى إسرائيل أمر مهم، لكن ما هذا إلا واحدة فقط من قضايا مهمة كثيرة تتعلق بسلوك إسرائيل تجاه الفلسطينيين والأميركيين العرب الآخرين. والأكثر إثارة للقلق هو معاملة إسرائيل للعرب الأميركيين عند الدخول، في المطار أو عند الجسر.

فالأشخاص المشتبه في كونهم من أصل عربي يتعرضون تلقائياً لتمحيص خاص غالباً، ويتضمن هذا التمحيص ساعات من الاستجواب القاسي وانتزاع معلومات من هواتفهم وأجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بهم. والأمر لا ينطبق على الأميركيين الفلسطينيين فقط، بل يُقابل بهذه المعاملة كل شخص يحمل بطاقة هوية فلسطينية، وليس فقط عند الدخول. لقد رصدنا تصريحات لمئات من العرب الأميركيين أفادوا بمعاملة سيئة عند دخول إسرائيل والخروج منها أيضاً. ولم تحرك وزارة الخارجية الأميركية ساكناً رغم إطلاعها على مثل هذه التقارير، واكتفت بنشر «توجيهات سفر» تطلب من العرب الأميركيين توقع معاملة تمييزية.

وعندما اتصل ضحايا هذه الانتهاكات بالقنصلية الأميركية في القدس لطلب المساعدة، قيل لهم «لا يوجد شيء يمكننا القيام به». صحيح أن عدداً من وزراء الخارجية الأميركيين أثاروا هذه المسألة مع الحكومة الإسرائيلية، لكن «إثارة القضية» ليس كافياً فيما يبدو لأن المعاملة السيئة مازالت مستمرة. ولا يتعلق الأمر بالإعفاء من التأشيرة فحسب، بل يتعلق بعدم تعامل الحكومة الأميركية بجدية مع التزامها بحماية حقوق مواطنيها. فجواز السفر الأميركي مكتوب فيه «يهيب وزير خارجية الولايات المتحدة بكل من يهمه الأمر السماح لمواطن أو حامل جنسية الولايات المتحدة المذكور في الوثيقة بالمرور دون تأخير أو عرقلة وتقديم كل مساعدة قانونية وحماية عند الحاجة».

وتنص معاهدة الصداقة والتجارة والملاحة الأميركية الإسرائيلية لعام 1951 على السماح للمواطنين الأميركيين المتجهين إلى إسرائيل «بالسفر إليها بحرية، والإقامة حيث يشاؤون». تحظر المعاهدة على إسرائيل أيضاً التورط في «مضايقات غير مشروعة من أي نوع» وتلزمها أن تضمن توفير «الحماية والأمن الدائمين» للمواطنين الأميركيين. وبعيداً عن الإعفاء من التأشيرة، يجب ألا تكون حماية حقوق المواطنين الأميركيين محل نقاش أو تفاوض بين حكومة الولايات المتحدة وأي دولة أخرى. والإشارات الجوفاء مثل السماح للأميركيين الفلسطينيين بالهبوط في مطار بن غوريون لا تعفي الحكومة الأميركية أو إسرائيل من الوفاء بالتزامات كل جانب.

*رئيس المعهد العربي الأميركي