قُبيل تعليق مباحثات فيينا، صدرت إشارات عدة من أكثر من طرف من الأطراف المتحاورة، كان أهمها التقرير الذي نشرته جريدة «نيويورك تايمز» بتاريخ 18 ديسمبر الجاري بعنوان: مسؤولو دفاع إسرائيليون يشككون في قدرات إسرائيل شن هجوم منفرد على إيران. صاحب ذلك تراجع حدة التراشق السياسي إعلامياً بين الولايات المتحدة والصين، تلا ذلك اتصالات أجراها الرئيس بايدن مع شي جي بينغ وفلاديمير بوتين.

ولم تقف الاتصالات عند ذلك الحد، بل تلاها حدثان بارزان، أولهما: اتصال رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، الجنرال ميلي بنظيره الروسي غيراسيموف في 16 ديسمبر الجاري، والآخر: زيارة مستشار الأمن القومي جيك سوليفان لإسرائيل والضفة الغربية في 21 ديسمبر. فيينا هي القاسم المشترك مهما اختلفت العناوين أو ارتفعت حدة التوتر في منطقة القرم بين روسيا وأوكرانيا، وإن تعليق المحادثات مع صدور بعض الإشارات الإيجابية (بحسب مستشار الأمن القومي الأميركي / جيك سوليفان)، لا يعني أن طهران ستتخلى عن مطلبها الرئيس برفع كافة العقوبات والتعهد بعدم العودة لمثلها من جانب واحد مستقبلاً.

إلا أن الرفع النسبي أو الكلي من عدمه ليس بيت القصيد هنا، بل أولوية الملفات بالنسبة لواشنطن، بكين وموسكو، ناهيك عن تحديد نوع التحوطات دولياً في حال مثل متحور «أوميكرون» (كوفيد - 19) تهديداً يتجاوز كافة إجراءات الاحتواء التي تم اتباعها حتى الآن، بما في ذلك تعدد اللقاحات.

مواصلة العواصم الثلاث جهود التهدئة قد يمهد لتفاهمات جديدة قد تتجاوز ملفات إيران، وحالة التوتر بين أوكرانيا وروسيا، وصولاً للجرف الباسيفيكي. ودخول مستشار الأمن القومي سوليفان ورئيس هيئة الأركان الجنرال ميلي، قد يضيف كلاهما دفعة جديدة تتجاوز دبلوماسية وزير الخارجية أنتوني بلينكن.

وكلنا يتذكر مبادرة الجنرال ميلي في الاتصال بنظيرة الصيني بعد التصعيد بين واشنطن وبكين أواخر عهدة الرئيس ترامب، وكذلك رفضه تسييس موقف المؤسسة العسكرية إبان الخلاف على نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة. بين النوايا أو حسن بعضها، سوف يتحتم على المجتمع الدولي إدراك ضرورات التراجع عن سياسة حافة الهاوية، والتي جربت في أكثر من ملف حتى الآن، وإن ملفات إيران المتعددة قد تكون قابلة للاحتواء بأكثر من شكل، إلا أن ذلك لا ينطبق على نظامها السياسي الذي يقع خارج إطار التاريخ الإنساني، وإن الشعوب الإيرانية هي من سيحدد مصيره المستقبلي، إلا أن إعادة الاستقرار للمنطقة قد يمثل الرافعة المطلوب التوافق عليها والتي ستفرض على طهران إعادة تقييم مواقفها من كافة الملفات، بما في ذلك ملفها النووي. مع تمنياتي الشخصية بأعياد ميلاد مجيدة، وكل عام وجميع خلق الله بألف خير.

* كاتب بحريني