بما أن البيئة هي المكان الذي يعيش فيه الإنسان ويتحصل منه على كافة مقومات حياته ويقيم فيه علاقاته مع الآخرين لذلك، فالبيئة ليست فقط هي مسكن الإنسان أو منزله أو حيه، بل هي كل ما يحيط بالإنسان من مكونات عضوية حية وغير حية وظروف محيطة مؤثرة في نموه وتنميته، وكذلك الظروف الطبيعية التي يعيش بها الإنسان، الأرض والماء والهواء وغيرها، أي أنها المكان بكل مكوناته مهما بدت صغيرة ودقيقة أو كبيرة وشاسعة.

من المهم وحسب «ألان بومبار» أن نفرق دائماً بين علم البيئة والبيئة المحيطة (الذي يسمى علم البيئة الإنساني)، فعلوم البيئة «الإيكولوجيا» تشتمل على دراسة كل الكائنات في أي مكان تعيش فيه، لكن يقتصر علم البيئة الإنساني على دراسة علاقة الإنسان الطبيعية فقط.
إذا نظرنا للبيئة حسب التعريفات السابقة، فإن الأمن البيئي يعني المحافظة على تلك البيئة آمنة، والذي يشمل حماية الموارد وحماية البيئة من التهديدات والمخاطر كافة التي قد تؤذيها وتؤثر فيها سلباً، وقد رأت «إليزابيث شالسكي» أن تعريف الأمن البيئي هو «الأمن الذي يعكس قدرة أمة أو مجتمع على مقاومة المخاطر البيئية وندرة الثروات البيئية، أو التغيرات البيئية المضادة، أو التوترات أو الصراعات ذات العلاقة مع البيئة»، كما عرفه «نيلز بيتر غليديتش» بأنه باختصار «التحرر من الدمار البيئي وندرة الموارد».
الاهتمام بالأمن البيئي ليس جديداً، المخاطر البيئية الحديثة كالتغيير المناخي، بل هو قديم قدم الإنسانية ذاتها، وتظهر علاقة الإنسان ببيئته في كافة الرسوم والنقوش والزخارف والمجسمات المكتشفة والإحفوريات، كما هي لدى الفراعنة وفي حضارة بلاد ما بين النهرين (بابل وآشور) في المجال الزراعي وكذلك لدى الإغريق، وعند ظهور الإسلام بدت تشريعاته جميعها في النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة تحث على الاهتمام والعناية بالبيئة، صحيح أنها لم تستعمل لفظ «بيئة» الحديث، لكنها كانت تتحدث عن إعمار الأرض وزراعة الأشجار وعدم قطعها أو تخريبها وإماطة الأذى عن الطريق وغيرها، وما هو أعظم من الاهتمام بالبيئة مثل حديث النبي- صلى الله عليه وسلم «إذا قامت الساعةُ وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها» (رواه أحمد).
بعد ظهور الدول الحديثة وبعد الثورة الصناعية وظهور المصانع بدأ التلوث البيئي يأخذ منحنى تصاعدياً، ومن هناك بدأ الحديث عن الأمن البيئي الدولي لحماية الطبيعة والبيئة والمصالح الحيوية للمواطنين والمجتمع من التأثيرات والاتجاهات السلبية في عمليات التنمية التي تهدد صحة الإنسان والتنوع البيولوجي وأداء النظم الأيكولوجية المستديمة، والتي قد تؤثر على استمرارية الحضور البشري؛ لذلك اتفقت معظم المنظمات الدولية على أن تعريف الأمن البيئي هو «الأمان العام للناس من الأخطار الناتجة عن عمليات طبيعية أو عمليات يقوم بها الإنسان نتيجة إهمال أو حوادث أو سوء إدارة».
مدرسة كوبنهاغن للدراسات الأمنية بدروها رأت أهمية وضرورة «أمننة البيئة» من خلال العناية بالنظم الأيكولوجية والبيئة الحيوية والأنواع إلى المحيط الحيوي برمته وفهم القضايا البيئية تدريجياً على أنها مسائل أمنية، كما في القطب الشمالي على سبيل المثال، وكذلك العلاقة بين البيئة والحضارة الإنسانية، فيصبح الأمن البيئي يدفع لبقاء هذه الحضارة قائمة وفي حالة تطور، وكان لإسهامات مدرسة كوبنهاغن الفضل الكبير بتوسيع قطاعات الأمن لتضم الأمن البيئي وإرساء مضمونه الأمن البيئي، حيث وضحت وجود دائرة واسعة من المواضيع في القطاع البيئي والتي فصلها كل من «بوزان، ويفر، ودي وايلد»، وتشمل: اضطراب النظم الإيكولوجية (تغيرات المناخ وإزالة الغابات...)، قضايا حيوية (استغلال مصادر والحوادث)، قضايا تركز السكان (الأوبئة، الهجرة...)، قضايا الأغذية (الفقر والمجاعة...)، القضايا الاقتصادية (وليس النمو المستدام، عدم التكافؤ في تقسيم الثروة)، وكذلك النزاعات المدنية (الإرهاب البيئي وتدهور الدول أثناء الحروب).
لذلك يمكن القول، إن الأمن البيئي مصطلح قائم على فهم متغيرات مختلفة كالحروب التي تتسبب في الدمار البيئي أو حماية التنمية المستديمة الشاملة، وكذلك فهم المتغيرات في الظروف الاستراتيجية الدولية من وجهة نظر بيئية، من خلال الاعتراف بمستوى وحجم تهديد المخاطر البيئية على البشرية والأمن الإنساني. 
يُعد الأمن البيئي أحد مركبات الأمن الإنساني، ويشار إليه بالأمن الحيوي الذي يشمل الأمن البيئي، وله ثلاثة مستويات: الفردي والوطني والعالمي، لذا أخذت القضايا البيئية بُعداً استراتيجياً، إذ لم يعد نشوب التوترات والنزاعات العسكرية قاصراً على حدوثها بمفردها، ولكن أصبحت ممتزجة بتحديات عالمية جديدة وواسعة النطاق وبات الارتباط بين مشاكل البيئة والأمن الدولي في تزايد. ومع ارتفاع وتيرة التدهور البيئي زادت الأهمية والحاجة إلى تبني مفهوم الأمن البيئي؛ لأن الإنسان قام بإهمال مقومات الحياة (النظام البيئي والتنوع البيولوجي) التي تمدنا بالماء والأكل والدواء والهواء النقي، كما أن أهمية الأمن البيئي تبرز في الحفاظ على الموارد الطبيعية والابتعاد عن شبح الندرة، وذلك بالاستغلال الرشيد لهذه الموارد وفق مبدأ المساواة بين الأجيال الحاضرة وكذا مبدأ الإنصاف مع الأجيال المستقبلية.

لواء ركن طيار متقاعد