كشفت مجموعة بحثية مدعومة من المملكة المتحدة النقاب عن تصميم طائرة ركاب تعمل بالهيدروجين السائل قادرة نظرياً على مضاهاة أداء طائرة حالية من الحجم المتوسط من دون إصدار انبعاثات كربونية.

وأعلن «معهد تكنولوجيا الطيران» في بيان يوم الاثنين الماضي أن نموذج «فلاي زيرو» يعتمد على تصميم طائرة تقل على متنها 279 راكبا من لندن إلى سان فرانسيسكو بنفس سرعة وراحة طائرات اليوم. وتهدف المجموعة، وهي عبارة عن شراكة بين حكومة المملكة المتحدة والقطاع، إلى تسريع المشاريع عالية المخاطر التي تستفيد منها الشركات المحلية. ويُنظر إلى الدفع باستخدام الهيدروجين على أنه واحد من أكثر التكنولوجيات الواعدة لتسيير رحلات طيران تجارية خالية من انبعاثات الكربون.

غير أنه باهظ الثمن ويطرح تحديات أكثر في ما يخص طرق تخزينه على متن الطائرة، إذ سيستغرق الأمر سنوات من أجل تطوير الطائرات وإنشاء بنية تحتية مثل قدرة التزويد بالوقود في المطارات. المملكة المتحدة، التي استضافت قمة المناخ «كوب 26» الشهر الماضي، تقوم حالياً بتمويل تكنولوجيات جديدة من أجل المساعدة على توفير وظائف في قطاع الطيران مع العمل في الوقت نفسه على تحقيق أهدافها في ما يتعلق بالمناخ. وفي هذا الإطار، تعهدت الحكومة ب2.6 مليار دولار (1.95 مليار جنيه إسترليني) من التمويل لـ«معهد تكنولوجيا الطيران» منذ بدايته في 2013 إلى 2016، مبلغ من المقرر أن يوفر القطاعُ مثله.

ويذكر هنا أن تصميم «فلاي زيرو» تلقى 15 مليون جنيه إسترليني من التمويل الحكومي. وقال وزير الأعمال البريطاني كواسي كوارتينج في بيان: «إن هذه التصاميم يمكنها أن تحدد مستقبل قطاع الطيران»، مضيفاً «من خلال العمل مع القطاع، نُظهر أن الطيران الخالي من الكربون ممكن، حيث يُعد الهيدروجين المرشح الأوفر حظا لخلافة الوقود الأحفوري التقليدي». وقال «معهد تكنولوجيا الطيران» إنه يتوقع تشغيل طائرات تعمل بالهيدروجين اعتباراً من منتصف ثلاثينيات هذا القرن ما سيتيح نجاعة وجدوى اقتصادية أفضل من الطائرات التقليدية.

وبحلول أوائل العام المقبل، سيقوم مشروع «فلاي زيرو» بنشر تصاميم مفصلة لطائرة إقليمية ضيقة البنية ومتوسطة الحجم إلى جانب خرائط طريق تكنولوجية، وتقارير حول الاقتصاد والسوق، وتقييم بخصوص الاستدامة، كما أعلنت المجموعة. الطائرة متوسطة الحجم التي عُرضت يوم الاثنين الماضي ستخزن الهيدروجين في حرارة 250 درجة مئوية تحت الصفر في خزانات وقود خاصة للتبريد الشديد في خلفية الطائرة وفي خزانين أصغر حجما بمحاذاة الجزء المتقدم من جسم الطائرة من أجل الحفاظ على توازنها .

وسيبلغ طول جناحي الطائرة 54 متراً، بين طائرتي «بوينج 767» و«بوينج 787» ذات الممرين التوأم، وستكون مزودة بمحركين «توربوفان». وإذا كانت «بوينج» لم تكشف عن خطط لطائرة هيدروجين بعد، فإن «إيرباص» تستهدف إدخال طائرة ركاب تجارية الخدمة بحلول 2035. وقد أخبرت الشركةُ الأوروبية الاتحادَ الأوروبي بأن نموذجا يُقل على متنه أكثر من 150 راكباً لن يكون واسع الاستخدام حتى 2050.

وفي غضون ذلك، يركز قطاع الطيران على ما يسمى الوقود المستدام، الذي يمكن خلطه مع الكيروسين الذي يمد الطائرات الحالية بالطاقة، وعلى طيران باستخدام البطارية، وهو ما يقتصر حالياً على الطائرات الصغيرة مثل «سيارات الأجرة الجوية» بسبب وزن الخلايا. ويتعرض قطاع الطيران لضغط شديد من أجل خفض الانبعاثات بسرعة أو مواجهة قيود على النمو، على الرغم من أن التكنولوجيا المتقدمة ما زالت بعيدة بسنوات. كما تعاني شركات الطيران وشركات صناعة الطائرات أيضا من الاضطراب المتواصل في عملياتها بسبب كوفيد 19، الذي أضعف وضعها المالي.

* صحفي متخصص في تقنيات النقل

 ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»