صنّفت بريطانيا يوم الجمعة الماضي 26 نوفمبر حركة «حماس» الفلسطينية، بجناحيها السياسي والعسكري، كياناً إرهابياً، بعد أن أقر مجلس العموم البريطاني المذكرةَ التي تقدمت بها وزيرة الداخلية بريتي باتيل لتصنيف الحركة إرهابيةً.

وكانت بريتي قد أعلنت في 19 نوفمبر الجاري عزمها على التقدم بمشروع قانون لتصنيف «حماس» كياناً إرهابياً، وقالت باتيل في بيان: «تملك حماس قدرات إرهابية واضحة تشمل امتلاك أسلحة كثيرة ومتطورة، فضلاً عن منشآت لتدريب إرهابيين.. لهذا اتخذت اليوم إجراءات لحظر حركة حماس بأكملها». وبموجب قانون الإرهاب لعام 2000، فإنه يحق لوزيرة الداخلية أن تحظر أي منظمة إذا ما اعتقدت أنها على علاقة بالإرهاب، لكن ليس قبل الحصول على موافقة مجلس العموم واللوردات.

ومن المقرر أن يدخل الحظر حيز التنفيذ مباشرةً. وكانت بريطانيا قد أدرجت في عام2001 «كتائب عز الدين القسام»، وهي الجناح العسكري لحركة «حماس»، على اللائحة السوداء، دون كيان الحركة بالكامل.

وهو نفسه تقريباً موقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من الحركة. وحذرت بريطانيا من تعرض المنتمين إلى «حماس» ومناصريها لعقوبات سجن مشددة، إذ حسب الداخلية البريطانية فإن أعضاء الحركة وأولئك الذين يدعون إلى دعمها يمكن أن يواجهوا عقوبة بالسجن 14 عاماً. وللقرار البريطاني تبعات على دعم الحركة في الداخل البريطاني، إذ تعد لندن إحدى أكثر المدن الغربية التي تشهد نشاطاً وحراكاً داعماً للقضية الفلسطينية، خاصة خلال فترات الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة.

ومنذ تأسيس «حماس» في نهاية الثمانينيات كانت بريطانيا مركز دعم لها، بسبب الوجود المكثف لجماعة «الإخوان المسلمين» على الأراضي البريطانية، والذين طالما شكلت لندن ملاذاً آمناً لهم. وتمتلك جماعة «الإخوان» 60 منظمة داخل بريطانيا، بينها منظمات خيرية ومؤسسات فكرية، بل وقنوات تلفزيونية.

كما سيؤدي القرار إلى تجفيف منابع التمويل لقطاع غزة من جانب المنظمات الإسلامية والمنظمات الإنسانية العاملة من بريطانيا، خشية التجريم حتى ولو لم تكن المساعدات موجهة لدعم «حماس»، فواقعياً لا يمكن إيصال المساعدات التي تقدمها المملكة المتحدة لقطاع غزة من دون التنسيق مع «حماس» التي تسيطر على القطاع.

وبما أن التجريم يشمل التعاطف والدعاية والترويج للحركة وأنشطتها والدفاع عنها، فسيصبح أي نشاط من أنشطة الحركة داخل بريطانيا، أو إظهار الدعم له مجرّماً قانوناً، وسيتعرض صاحبه للمساءلة وفق القانون البريطاني لمكافحة الإرهاب والتطرف.

لقد بدأت بريطانيا بالفعل إعادة النظر في علاقتها مع «الإخوان» بسبب الهجمات الإرهابية على أراضيها، وبعدما حذّرت عدة تقارير أمنية واستخباراتية من خطر تنامي «الإخوان» داخل البلاد، بما يمثل تهديداً للأمن العام. لذا لم يكن القرار البريطاني مفاجئاً، إذ يتوقع المراقبون أنه في ظل الاستراتيجية الأوروبية الشاملة لمكافحة الإرهاب والتطرف ستتخذ بريطانيا إجراءات متشددة للحد من أنشطة جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها «الإخوان المسلمون».

ومن المتوقع أن يكون للقرار البريطاني انعكاس فوري وتداعيات مباشرة على التنظيمات الإسلامية الأخرى المتواجدة في بريطانيا، بما فيها التنظيم الدولي لـ«الإخوان المسلمين» على مستوى خطابه السياسي والإعلامي، حيث أنهى هذا القرار الربيع الإخواني في بريطانيا.

*كاتبة إماراتية