تابعت في الأسبوعين الماضيين محاكمة كايل ريتنهاوس، وهو مراهق أبيض قتل شخصين بإطلاق النار عليهما وأصاب ثالثاً بجروح في ليلة شهدت احتجاجات لحركة «حياة السود مهمة» واضطرابات مدنية في مدينة كينوشا بولاية ويسكونسن العام الماضي. لقد كانت قضية مضطربة. فقد ظل الادعاء، ولعدة أيام، في حالة ميئوس منها. وقد دعم بعضُ الشهود فيما يبدو حجةَ الدفاع بأن ريتنهاوس تصرف دفاعاً عن النفس. وتحيّز القاضي من حين إلى آخر إلى الدفاع وعارض الادعاء. 
لكن يوم الاثنين، قدم قائد فريق الادعاء، توماس بينجر، حجةً ختاميةً موثقةً جيداً لخّصت بمهارة كل الأمور التي تصرف بها ريتنهاوس فيما يخالف القانون. وسنرى مدى قبول هيئة المحلّفين لهذه الحجة. لكن حجة بينجر لها قيمة تتجاوز هذه القضية. وهذا لأنها نقضت بعضاً من المبادئ الأساسية للدفاع عن امتلاك المسدسات. ومن هذه المبادئ أن المسدسات فاعلة وضرورية للدفاع عن النفس ودونها سيسود انعدام القانون والطغيان. ومع وجود المسدسات في أيدي الأخيار، فإنها ستدعم، ولن تدمر، السلامة العامة. 
وفي قضية ريتنهاوس، لم يصمد أي من هذه المبادئ. ففي كل منعطف من تلك الليلة، جعلت بندقية ريتنهاوس شبه الآلية من طراز «أيه. آر-15» الأمورَ أسوأَ، وفاقمت الخطر ولم تحد منه. فقد حوّل السلاحُ موقفاً كان من الممكن أن ينتهي بكدمات في الوجه وكسور في العظام إلى موقف ألقيت فيه الجثث وسط الشارع. وبندقية ريتنهاوس لم تكن خطراً فحسب على المحتجين، بل كانت خطراً على حاملها أيضاً، إذ ذكر أنه كان يخشى أن ينتزع أحدهم البندقية منه ويطلق عليه النارَ منها. 
وقع إطلاق النار قبل عام، أي قبل الانتخابات وبعد مقتل جورج فلويد، وفي صيف سيطر عليه «كوفيد-19» في عام 2020. وبالقرب من نهاية أغسطس، أطلق ضابطُ شرطة في كينوشا النارَ على رجل أسود يدعى جاكوب بليك، مما جعله يصاب بشلل جزئي. وانفجرت المدينة الصغيرة في احتجاجات كبيرة، سرعان ما تحولت إلى عنف وأعمال شغب. في ليل يوم 25 أغسطس، توجه حشد من الغوغاء شديدي المراس إلى الأنشطة الاقتصادية الخاصة. وأحد هذه الأنشطة تمثل في «كار سورس»، وهو نشاط لتجارة السيارات له ثلاثة أفرع في كينوشا. وكان ريتنهاوس، البالغ من العمر 17 عاماً حينذاك، من سكان إيلينوي، ووالده يعيش في كينوشا. وجاء ريتنهاوس من إيلينوي مع صديق ليحمي «كار سورس» بناءً على دعوة من المالك. 
وحين وصل ريتنهاوس كان هناك أكثر من 100 مركبة في مكان للمبيعات مملوك لـ«كار سورس» قد أُضرمت فيها النيران. وكانت هناك حاويات قمامة تحترق في الشوارع. وتردد دوي طلقات المسدسات. وسيطر أفراد شرطة مزودون بأدوات مكافحة الشغب وبالقنابل المسيلة للدموع على جانب كبير من المدينة. لكن كان هناك أجزاء انسحبت منها الشرطة. وفي هذه الأجواء تصدى أشخاص كان معهم بنادق لمن اعتبروهم غوغاء. لكن بحسب شهادة كثيرين من الشهود، لم تقدم البنادق دعماً في هذه الليلة. وذكر ريتنهاوس وآخرون في جماعته أنهم لم يعتزموا قتل أحد في تلك الليلة. والسبب الرئيسي الذي جعلهم يجلبون المسدسات معهم هو منع الهجمات بحسب قولهم. لكن هذا أدى إلى نتيجة عكسية، لأن المسدسات تحفّز على الصراع فيما يبدو. 
وذكر الادعاء أن القتل بدأ حين صوب ريتنهاوس مسدسه نحو محتج غير مسلح يبلغ من العمر 36 عاماً يدعى جوزيف روزنباوم. وهذا ما جعل روزنباوم يطارد ريتنهاوس في مسعى لمنع إطلاق نار محتمل. وأنكر ريتنهاوس الاستفزاز، وذكر أن روزنباوم وشخص آخر يدعى جوشوا زيمنسكي الذي كان معه مسدس «داهماه» وطارداه، بينما كان يحاول الفرار. وصوب رينتهاوس سلاحه نحو روزنباوم، لكن الرجل واصل التقدم. وكي يتخذ من الدفاع عن النفس مسوغاً لإطلاقه النار على روزنباوم، تعين على رتنهاوس أن يعلن أنه اعتقد أن روزنباوم شكل تهديداً وشيكاً بالموت أو ضرراً بدنياً هائلاً له. لكن المحامي بينجر سأل ريتنهاوس كيف استطاع تصديق هذا، رغم عدم وجود أي أسلحة مع روزنباوم. فكان رد ريتنهاوس أنه خشي أن ينزع روزنباوم البندقية منه. 
والرد يدل على أن قلق ريتنهاوس الأساسي كان مصدره سلاحه الناري. ومع اقتراب روزنباوم، ذكر ريتنهاوس أنه أصبح من الواضح أن روزنباوم أراد نزع البندقية منه. وإذا حصل عليها، بحسب قول ريتنهاوس، فإنه «سيقتلني بها ويقتل أشخاصاً آخرين على الأرجح». وأطلق ريتنهاوس أربع طلقت سريعة التوالي، فقتلت روزنباوم. ثم ظهر رجل حاول ضرب ريتنهاوس في رأسه، وأطلق ريتنهاوس النار على الرجل لكنه لم يصبه. ثم حاول شاب يدعى أنطوني هوبر يبلغ من العمر 26 عاماً تدمير لوح تزلج على رأس ريتنهاوس، لكن ريتنهاوس أطلق النار على هوبر في صدره فمات. ثم أطلق ريتنهاوس النار على رجل آخر يدعى كيج جروسكروتز وأصابه بجرح. 
وبعد كل هذه الفوضى والموت، ما نفع المسدسات في تلك الليلة؟ فشلت المسدسات في كبح الهجمات. لقد كان امتلاك ريتنهاوس سلاحاً يمثل سبباً في تعقّبه. وفشلت الأسلحة في تحقيق الغرض الأكثر ذيوعاً من امتلاكها وهو مساعدة الأخيار في مقاتلة الأشرار. فإذا كان ريتنهاوس من الأخيار، فما الخير الذي أداه له السلاح؟ لقد قُتل شخصان وأصيب شخص آخر، ويواجه ريتنهاوس نفسه اتهامات بالقتل. 

 

صحفي أميركي

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»


Canonical URL: https://www.nytimes.com/2021/11/17/opinion/kyle-rittenhouse-guns.html