كانت الإمارات تعيش مجتمعاً تقليدياً يتميز بنمط حياة يتكيف مع بيئة الخليج العربي بشكل عام، وكان اعتماد السكان على البحر من حيث صيد الأسماك والغوص بحثاً على اللؤلؤ، وعلى الصحراء من حيث الزراعة. ومع اكتشاف النفط عام 1962 بدأ عصر جديد في الإمارات بفضل القيادة الرشيدة التي استخدمت عائدات النفط في بناء دولة حديثة.
تدخل الإمارات عامها الخمسين، وتمر بلحظة تاريخية، كثاني أكبر اقتصاد عربي وبين 30 أقوى اقتصاد عالمي بناتج محلي إجمالي بلغ 421 مليار دولار في عام 2020. وعند الإعلان عن «حكومة المستقبل» في عام 2016 حيث جاءت بمثابة إشارة انطلاق على طريق جديد للحوكمة الاستراتيجية تشمل تأسيس حكومة مرنة تتمتع بالقدرة على مواجهة التحديات وتحويلها إلى فرص.
العلاقة الطردية بين التنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية من حيث انفتاح المجتمع الإماراتي على ثقافات متنوعة جذب بذلك مواهب ومبدعين، الأمر الذي انعكس على تنافسية الإمارات وتصنيفها ضمن العشر الأوائل عالمياً في 22 مؤشراً يتعلق بالمواهب.
وبلغ عدد سكان الإمارات أكثر من 9 ملايين نسمة في عام 2020 ويحتوي المجتمع الإماراتي أكثر من 200 جنسية، ليكون بمقدور رواد الأعمال القدرة على التحرك في بيئات متغيرة تتميز بتنوع الاحتياجات السكانية، مما يؤدي بالتالي إلى تنوع الأنشطة الاقتصادية. لقد أدهشت الإمارات العالم من خلال منهجية استباقية تقود إلى نجاحات متراكمة، فإن إعلان الإمارات عن وثيقة «مبادئ الخمسين» العشرة التي تحدد بها توجهاتها المستقبلية ودورتها الاستراتيجية الجديدة، هو بمثابة محفزات اقتصادية تبدأ من الإعلان عن الحزمة الأولى والثانية لمشاريع الخمسين.
واستضافت الإمارات «إكسبو 2020» في ظل تسجيل الإمارات أعلى معدل تطعيم لقاحات كورونا وارتفاع أسعار النفط العالمية، قد يدفع اقتصاد الإمارات إلى نمو يصل إلى 5% في الناتج المحلي الإجمالي 2021-2022.
وعندما يكون الاقتصاد يقود السياسة، فإن النتيجة تمثلت في توقيع الإمارات ما يقارب 134 اتفاقية اقتصادية لتشجيع الاستثمارات مع شركائها التجاريين، حيث يؤكد موقع الإمارات الجغرافي في قلب قارات العالم، وامتلاكها بنية تحتية حديثة وشبكة نقل تعد الأحدث عالمياً، جعلها قادرة على استيعاب 2.4% من تجارة الحاويات البحرية العالمية، التي تمر عبر الدولة. وبلغت مساهمة القطاعات غير النفطية أكثر من ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في 2020 نظراً لتطوير قطاعات اقتصادية في السياحة والفضاء والطاقة المتجددة والصناعات المتقدمة. وبالنظر إلى طبيعة الإمارات وحكومتها الرشيدة في التطلع للمستقبل، أطلقت الإمارات رؤيتها بعيدة المدى «مئوية الإمارات 2071» التي تشكل خريطة واضحة للعمل الحكومي للوصول إلى اقتصاد متنوع معرفي. كما هو الحال عند رسم رؤية الإمارات 2021 الذي أدى إلى تحقيق الإمارات المرتبة 25 عالمياً في 2020 في مؤشر التنافسية العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي. 
كما يمكن للإمارات الاستفادة من مقوماتها الاقتصادية القوية وتعزيز الأمن السيبراني من أجل الحفاظ على الثقة في الاقتصاد الرقمي المترابط بشكل كبير من خطر الهجمات الإلكترونية، بالإضافة إلى أهمية إطلاق محطة تلفزيونية متخصصة تسلط الضوء على اقتصاد الإمارات في كافة مناطقها على غرار المحطات العالمية الأخرى. وأخيراً، تعزيز السياسات الاقتصادية في جميع إمارات الدولة برؤى تقوم على الشراكة بين القطاع العام والخاص وتأسيس مشاريع صغيرة ومتوسطة وأيضاً أنشطة تجارية وغيرها. 

باحث إماراتي في القضايا الجيوسياسية