عندما كنت صغيراً، كان كل شيء في المجتمع يبدو وكأنه يهدف إلى توجيه المرء نحو الزواج. كان هذا هو المتوقع. وكان أمرا يصعب تجنبه. سيحدث أن تلتقي شخصاً ما وتتزوجه وتكوّن أسرة. كان هذا ما يحدث وسيظل يحدث دائماً بهذه الطريقة.

ولكن حتى في ذلك الوقت، كانت نسبة المتزوجين تتراجع بالفعل. في 1970، وهو العام الذي ولدت فيه، كانت نسبة الأميركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و50 عاماً ولم يتزوجوا قط تبلغ 9% فقط. وبحلول الوقت الذي أصبحت فيه بالغاً، كانت هذه النسبة تقترب من 20%. كان بعض الناس يؤخرون الزواج، والبعض الآخر يتجنبونه تماماً. استمر هذا الاتجاه، ونحن الآن نقترب من مرحلة فارقة. في هذا الشهر، نشر مركز بيو للأبحاث تحليلاً لبيانات التعديد، أظهر أنه في عام 2019، ارتفعت نسبة البالغين الأميركيين الذين لم يكونوا متزوجين ولا يعيشون مع شريك إلى 38%، وبينما تشمل هذه المجموعة «بعض البالغين الذين كانوا متزوجين من قبل (والآن أصبحوا منفصلين أو مطلقين أو أرامل)، فإن كل الزيادة في عدد السكان غير المرتبطين منذ عام 1990 جاءت من ارتفاع عدد الذين لم يتزوجوا أبداً». جاء ذلك في أعقاب البيانات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاءات الصحية العام الماضي، والتي أظهرت أن معدلات الزواج في 2018 وصلت إلى مستوى قياسي منخفض. إننا نقترب من وقت سيكون فيه عدد البالغين غير المتزوجين في الولايات المتحدة أكثر من المتزوجين، وهو تطور له عواقب وخيمة على كيفية تعريفنا لمفهوم الأسرة وبلوغ سن الرشد بشكل عام، وكذلك كيفية هيكلة الضرائب والمزايا.

وأشار مركز بيو إلى أن نسب غير المتزوجين وغير المرتبطين تتباين بين الفئات الديموغرافية: من بين أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و54 عاماً، كان 59% من البالغين السود غير مرتبطين في عام 2019، وهذه النسبة أعلى من مثيلاتها المسجلة بين ذوي الأصول الإسبانية (38%) والبيض (33%) والآسيويين (29%).

بالنسبة لمعظم المجموعات العرقية والإثنية، يكون الرجال أكثر عرضة لأن يكونوا غير مرتبطين، مقارنة بالنساء. ويُستثنى من ذلك البالغون السود، حيث من المرجح أن تكون نسب النساء غير المرتبطات (62%)، مقارنة بالرجال (55%). يتعين على المجتمع أن يبدأ في التساؤل عما إذا كان من المنصف والصحيح الاستمرار في مكافأة وتشجيع الزواج من خلال السياسات الضريبية والسياسة في الوقت الذي يختار فيه عدد أقل من الناس -السود بشكل غير متناسب - الزواج أو إيجاد شراكات مقبولة.

هل يكون الزواج هو الخيار المثالي دائماً؟ وهل يجب على العزّاب دفع ضريبة مقابل العيش وحيداً -جزء مما وصفته ليزا أرنولد وكريستينا كامبل في صحيفة ذي أتلانتك عام 2013 بـ «العزلة المؤسسية» - لعدم اختيار الزواج؟ في 2013، عندما كانت أرنولد وكامبل تعدان تحليلهما، وجدتا أنه «على مدار العمر، يمكن للأشخاص غير المتزوجين دفع ما يزيد على مليون دولار، أكثر من نظرائهم المتزوجين، للرعاية الصحية والضرائب وغير ذلك». لقد كنت متزوجاً، لكني لم أعد كذلك، ولا أتوقع أن أتزوج مرة أخرى في المستقبل. ولا أرى خطأ في ذلك. لكنني أدرك تماماً الدافع الذي يحث الناس من حولي، المتزوجين، أو الذين يتطلعون إلى الزواج والذين يفترضون خطأً أن الزواج هو السبيل الوحيد لتحقيق السعادة. لكنني أعترض على كل هذا.

أقول هذا لكل شخص عَزب يعيش في سعادة والذين لديهم شركاء يعيشون في سعادة ولا يريدون الزواج. ولكن عندما يتعلق الأمر بالأطفال، فمن الواضح أنهم يستفيدون بشكل أكبر عندما ينشؤون في أسرة ويتمتعون برعاية أبويهم والمزيد من المال. هذا لا يعني بالضرورة الزواج، لكن هذا هو الحال في كثيرٍ من الأحيان. كما أوضح معهد بروكينجز في عام 2014: الأطفال الذين ينشؤون بين أبوين متزوجين يكون أداؤهم أفضل في الدراسة، وينمّون مهارات معرفية وغير معرفية أقوى، ويزداد احتمال التحاقهم بالجامعة، ويكسبون المزيد من المال، ويزيد احتمال استمرارهم في تكوين زيجات مستقرة. باستخدام معاييرنا الخاصة بالنجاح في مراحل مختلفة من الحياة، والتي تم تطويرها كجزء من نموذج الجينوم الاجتماعي لمعهد بروكينجز، نجد أنماطا مماثلة. ولكن ماذا عن البالغين الذين ليس لديهم أطفال أو الذين أصبح أطفالهم بالغين الآن؟

يقول بول دولان، عالم السلوكيات في كلية لندن للاقتصاد، إنه في حين أن الرجال، إجمالاً، يمكن أن يستفيدوا من الزواج لأنه يجعلهم أكثر هدوءاً وأقل عرضة للمخاطر، فإن النساء، في المجمل أيضاً، لا يحصلن على المزايا ذاتها. على العكس، وفقاً لدولان، فإن المجموعة الفرعية الأسعد هي النساء اللائي لم يتزوجن إطلاقاً ولم ينجبن أطفالاً. بالطبع هناك استثناءات. فهناك الكثير من الرجال المسؤولين الذين لا يحتاجون لخاتم الزواج كمصدر دعم، وهناك الكثير من الأمهات المتزوجات اللائي يجادلن بأن عائلاتهن هي النور لحياتهن. لكن تبقى نقطة: الزواج باعتباره النموذج المثالي السائد بدأ يفقد قيمته. كما أن وصمة عدم الزواج بدأت تتراخى أيضاً. والآن، يتعين على الحكومة أن تخفف سياستها الآتي تكافئ المتزوجين وتعاقب العازبين.

*كاتب أميركي

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»