يترقب العالم نوفمبر المقبل، حين يلتقي قادة 196 دولة في مدينة غلاسكو الأسكتلندية، لبحث قضية التغير المناخي، في ظل حالات الطوارئ المناخية المعاشة، من فيضانات وحرائق تعمّ الكوكب. ويُنتظر من هؤلاء القادة التوصل إلى اتفاق يتَرجَم عملياً للحد من التغير المناخي وآثاره: من ارتفاع منسوب مياه البحار، وسوء الأحوال الجوية، والكوارث الطبيعية المتزايدة.. وغير ذلك.
لا مكان في الكرة الأرضية بمنأى عن الآثار المدمرة للتغير المناخي. وقد رجّح تقرير «للهيئة الحكومية الدولية»، المعنية بتغير المناخ (IPCC)، أن «يؤدي التغير المناخي إلى تفاقم المشاكل المتعلقة بالمياه، مثل الفيضانات، والجفاف الذي يؤدي إلى اتساع رقعة الحرائق». ووفقاً للتقرير، فإن «ارتفاع درجات الحرارة ستصاحبه تغيرات كبيرة في دورة المياه على كوكب الأرض، حيث ستصبح المناطق الرطبة بالفعل أكثر رطوبة، وستصبح المناطق القاحلة عرضة لمزيد من الجفاف. وسيتكثف هطول الأمطار الغزيرة بنسبة 7% لكل درجة مئوية إضافية بسبب الاحتباس الحراري». ويحذر التقرير من «أننا بتنا على أعتاب تدمير كوكب الأرض بسبب الأخطار التي لا تعد ولا تحصى لتفاقم تغير المناخ».
وكما قال «روبرت هونزيكر»، الكاتب المستقل والصحفي البيئي، فإن «المجتمع المعاصر يثبت بأن لنهاية العالم العديد من النتائج المحتملة. وهي نهاية ثبت بأنها لم تكن أقرب إلى الواقع مما هي الآن، لأنها تحدث مسبقاً هنا وهناك». وعلى سبيل المثال، تقول مجلة «Scientific American»: «شهدت منطقة شمال غرب المحيط الهادئ للتو مرحلة مبكرة من نهاية العالم، حيث توفي مئات الأشخاص في موجة الحرارة الأخيرة في شمال غرب المحيط الهادئ، وكان هناك ما لا يقل عن 486 حالة وفاة في كولومبيا البريطانية، و116 في ولاية أوريغون، و78 في واشنطن.. وكانت هناك أكثر من 3.500 زيارة لقسم الطوارئ بسبب الأمراض المرتبطة بالحرارة في شهري مايو ويونيو الماضيين في منطقة تشمل ألاسكا وأيداهو وأوريغون وولاية واشنطن». وفي السياق ذاته، يقول توم هارتمان، المؤلف والمعلق السياسي الأميركي المعروف: «نحن نعيش الآن وسط حدث انقراض. والسؤال هو ما إذا كنا سنترك حالة الطوارئ المناخية الحالية تتقدم وتقطع شوطاً طويلاً، بحيث إما أن تقضي على الجنس البشري ومعظم أشكال الحياة على هذا الكوكب، بإنتاجها نوعاً من الفوضى الممزِّقة للحضارة، أو أن تعطل حياة البشر بشدة لدرجة تحطيم المجتمعات في جميع أنحاء العالم وتؤكد قدرة الديمقراطيات (مثل الديمقراطية الأميركية) على الاستمرار في العمل. وسوف تحدد استجابتُنا في السنوات القليلة المقبلة مصيرَنا». 

ومن جانبه، أعرب المبعوث الأميركي للمناخ «جون كيري» عن أسفه لغياب بلاده عن جهود مكافحة التغير المناخي في عهد الإدارة السابقة. وأكد: «قبل ثلاث سنوات حذَّرَنا العلماء بشكل واضح بالقول إن أمامنا 12 عاماً لتجنب أسوأ عواقب تغير المناخ. بقي أمامنا الآن تسع سنوات، وسنبذل كل ما في وسعنا لتدارك ما فات».
صحيح أن تغير المناخ هو أزمة هذا العصر، والمناخ يتغير بسرعة أكبر مما كانت البشرية تخشى، غير أن البشرية ليست عاجزة بالمطلق عن مواجهة هذا التهديد العالمي، ومؤتمر غلاسكو محطة مفصلية للراغبين بوضع التغير المناخي تحت السيطرة، ويعد الأهم على صعيد إلزام دول العالم باتخاذ إجراءات للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وهو فرصة مناسبة لقادة العالم لمناقشة ما أُنجز على صعيد التغير المناخي منذ مؤتمر باريس التاريخي عام 2015 حتى الآن، هذا إن أراد العالم منع تفكك الحضارة الإنسانية الحديثة التي أصبحت الآن في دائرة الخطر.

كاتب وباحث سياسي